شرح درس التقنيات الحديثة ودورها في جغرافية التنمية | جغرافيا ثانيه ثانوي 2026
التقنيات الحديثة ودورها في جغرافية التنمية
تلعب "جغرافية التنمية" دوراً حيوياً في دراسة الموارد المتاحة، وكيفية استغلالها لتحقيق التنمية. ومع التقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات، ظهرت "تقنيات حديثة" أصبحت الأداة الأساسية التي لا غنى عنها في مشروعات التنمية.
هذه التقنيات، وتحديداً "الاستشعار عن بعد" و "نظم المعلومات الجغرافية (GIS)"، مكنت المخططين وصناع القرار من الحصول على بيانات دقيقة ومحدثة، مما ساعد في فهم البيئة، وإدارة الموارد، والتخطيط المستقبلي بفاعلية أكبر.
ما هي التقنيات الحديثة؟ (الاستشعار عن بعد و GIS)
تعتمد جغرافية التنمية بشكل أساسي على تقنيتين متكاملتين، هما الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية.
الاستشعار عن بعد (Remote Sensing)
هو "علم القياس" أو الحصول على المعلومات عن سطح الأرض (أو أي ظاهرة) "دون ملامستها" بشكل مباشر.
يتم ذلك عن طريق "أجهزة استشعار" (Sensors) مثبتة في الأقمار الصناعية (المرئيات الفضائية) أو الطائرات (التصوير الجوي). تقوم هذه المستشعرات بتسجيل الأشعة الكهرومغناطيسية المنعكسة من سطح الأرض، ومن خلال تحليل هذا الانعكاس، يمكننا معرفة طبيعة الظاهرة (مثل نوع معدن، أو حالة محصول، أو درجة تلوث مياه).
نظم المعلومات الجغرافية (GIS)
هو "نظام معلوماتي" متكامل (يجمع بين الأجهزة، والبرامج، والبيانات، والمتخصصين) مصمم لإدخال، وتخزين، ومعالجة، وتحليل، وعرض "البيانات الجغرافية" (المعلومات المكانية).
ببساطة، الـ (GIS) هو برنامج كمبيوتر متطور جداً يأخذ البيانات من الاستشعار عن بعد ومن الخرائط، ويضعها في طبقات (Layers)، ثم يقوم بتحليلها لاستخراج "معلومات جديدة" تساعد في اتخاذ قرارات التنمية.
دور التقنيات في تنمية الموارد البيئية
تلعب التقنيات الحديثة دوراً محورياً في المجال الأول للتنمية، وهو الحفاظ على البيئة وإدارة مواردها.
البحث عن الموارد المائية
يساعد الاستشعار عن بعد (خاصة الصور الفضائية الحرارية والجيولوجية) في تحديد مواقع "المياه الجوفية".
حيث تقوم الأقمار الصناعية برصد مناطق الشقوق والانكسارات في القشرة الأرضية، والتي غالباً ما تكون مخازن للمياه الجوفية. هذه التقنية حاسمة جداً للدول التي تعاني من ندرة المياه (مثل الدول العربية) للمساعدة في مشروعات الاستصلاح.
البحث والتنقيب عن المعادن ومصادر الطاقة
يستخدم الاستشعار عن بعد الأشعة الكهرومغناطيسية. كل معدن أو صخر له "بصمة" انعكاس خاصة به لهذه الأشعة.
بتسجيل هذا الانعكاس، يمكن للأقمار الصناعية تحديد أماكن وجود المعادن المختلفة ومصادر الطاقة (مثل البترول والغاز الطبيعي) تحت سطح الأرض، مما يسهل ويسرع عمليات التنقيب.
صيانة وحماية البيئة
تُستخدم التقنيات الحديثة في مراقبة التغيرات البيئية من خلال توفير قواعد بيانات وصور فضائية لفترات زمنية مختلفة.
مثال: من خلال مقارنة صور فضائية لشاطئ معين (مثل شواطئ الدلتا) في عام ١٩٩٠ وصور لنفس الشاطئ في ٢٠٢٠، يمكننا رصد وتحديد معدلات "تآكل الشواطئ" بدقة، ومراقبة التغيرات المناخية، وتتبع التلوث البحري أو النفطي.
دور التقنيات في التنمية الاقتصادية (الزراعة والصناعة)
تُعد التنمية الاقتصادية (زراعة، صناعة، سياحة) هي العمود الفقري للتنمية الشاملة، وتعتمد التقنيات الحديثة على أداتين هامتين هما "خرائط الغطاء الأرضي" و "خرائط استخدام الأرض".
في مجال التنمية الزراعية
توفر التقنيات الحديثة قواعد بيانات دقيقة تساعد في:
- التنبؤ بالآفات: رصد أي تغير في لون المحصول (دليل على مرض أو آفة) مبكراً لاتخاذ اللازم.
- رصد التعدي: مراقبة "الزحف العمراني" على الأراضي الزراعية وتطبيق قوانين حمايتها.
- تحديد خصائص التربة: الكشف عن خصائص التربة (ملوحة، رطوبة، معادن) لتحديد أنسب المحاصيل.
- مراقبة المياه: تتبع مجاري المياه والترع والمصارف ورصد حالات التبخر أو التسرب لاتخاذ إجراءات ترشيد الاستهلاك.
في مجال التنمية الصناعية
تُستخدم نظم المعلومات الجغرافية (GIS) في تحديد أفضل المواقع لإنشاء المصانع.
يقوم الـ (GIS) بتحليل قواعد بيانات ضخمة لاختيار الموقع الأمثل بناءً على عوامل مثل: القرب من المواد الخام، القرب من مصادر الطاقة، القرب من الأسواق، وتوافر البنية التحتية (طرق وكهرباء).
في مجال التنمية السياحية واكتشاف الآثار
تُستخدم التقنيات الحديثة (خاصة الصور الفضائية والجوية) في تحديد "المواقع الأثرية" المحتملة تحت سطح الأرض.
كما تُستخدم في تحديد أنسب المواقع لإقامة "المشروعات السياحية" الجديدة (مثل المنتجعات والفنادق) بناءً على البيئة المحيطة والبنية التحتية.
التمييز بين خرائط الغطاء الأرضي واستخدام الأرض
لتطبيق التنمية الاقتصادية، يعتمد الجغرافيون على نوعين مختلفين من الخرائط التي تنتجها الأقمار الصناعية.
خريطة الغطاء الأرضي
هذه الخريطة توضح "الظاهرة الطبيعية" الموجودة على سطح الأرض. إنها تصف "ماذا يغطي" الأرض.
أمثلة: غابات، حشائش، برك مياه، كثبان رملية، مباني، أو أرض زراعية.
خريطة استخدام الأرض
هذه الخريطة توضح "النشاط البشري" الذي يمارسه الإنسان على هذه الأرض. إنها تصف "كيف تُستخدم" الأرض.
أمثلة: منطقة زراعية، منطقة صناعية، منطقة سكنية، منطقة تجارية، منطقة تعليمية (مدارس)، أو خدمات صحية (مستشفيات).
أهمية المقارنة: بمقارنة خريطة "الغطاء الأرضي" وخريطة "استخدام الأرض" لنفس المكان عبر الزمن، يمكن رصد التغيرات بدقة. مثلاً، يمكن رصد "الزحف العمراني" (استخدام سكني) على "الأراضي الزراعية" (غطاء أرضي).
دور التقنيات في التنمية البشرية
تعتبر التنمية البشرية (تطوير الإنسان وتحسين معيشته) هي الهدف الأسمى لجميع أنواع التنمية.
في مجال النمو العمراني
يساعد الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية في:
- تحديد "أنسب أشكال التخطيط العمراني" للمدن الجديدة.
- تحديد اتجاهات النمو العمراني المستقبلية (أين يجب أن تتوسع المدينة).
- تخطيط الخدمات المطلوبة (مدارس، مستشفيات، طرق) لتجنب العشوائيات.
في مجال الخدمات الطبية والصحية
تلعب نظم المعلومات الجغرافية (GIS) دوراً حيوياً في التخطيط الصحي من خلال:
- تحديد المناطق المخدومة والمحرومة: تحليل أماكن المستشفيات الحالية وتحديد المناطق التي تفتقر للخدمات الصحية.
- تفسير أسباب تفشي الأمراض: ربط الأماكن التي ينتشر بها مرض معين (مثل تلوث المياه) بالسبب البيئي المحيط.
- إدارة الإسعافات والطوارئ: تحديد "أقرب وحدة إسعاف" لمكان الحادث، وتحديد "أفضل طريق" للوصول إليه، مما ينقذ الأرواح.