شرح مناهج البحث في علم النفس | علم نفس ثانيه ثانوي
شرح درس: مناهج البحث في علم النفس
علم النفس، كأي علم آخر، لا يعتمد على التخمين أو الانطباعات الشخصية، بل يعتمد على "مناهج" علمية دقيقة ومنظمة لفهم السلوك الإنساني وتفسيره. هذه المناهج هي الأدوات التي يستخدمها الباحثون لجمع المعلومات وتحليلها.
تتنوع هذه المناهج بتنوع الظاهرة التي ندرسها؛ فدراسة مشاعر الفرد الداخلية تختلف عن دراسة تأثير الضوضاء عليه، ودراسة سلوك طفل تختلف عن دراسة تاريخ مريض نفسي. في هذا الدرس، سنتعرف على أهم مناهج البحث المستخدمة في علم النفس.
أولاً: منهج الاستبطان (التأمل الباطني)
يُعد هذا المنهج من أقدم المناهج المستخدمة، وكان هو الأداة الرئيسية للمدرسة البنائية.
تعريف منهج الاستبطان
"الاستبطان" هو أن يقوم الشخص بـ "ملاحظة نفسه" (التأمل الباطني)، ويخبرنا عما يدور بداخله من أفكار أو مشاعر أو أحاسيس. إنه وصف الفرد لخبرته الشعورية الداخلية.
مبررات استخدام الاستبطان
نلجأ إلى هذا المنهج عندما نريد دراسة ظواهر نفسية لا يمكن ملاحظتها من الخارج، ولا يستطيع أحد معرفتها إلا صاحبها، مثل:
- دراسة الأحلام أثناء النوم (أحلام اليقظة).
- وصف المشاعر الانفعالية (مثل الحب، الكراهية، الخوف، الفرح).
- اختبارات الشخصية التي تتطلب من الفرد الإجابة على أسئلة حول ميوله ورغباته.
- العلاج النفسي، حيث يصف المريض للطبيب ما يشعر به من مخاوف أو قلق.
نقد منهج الاستبطان (الاعتراضات)
على الرغم من أهميته، إلا أن هذا المنهج تعرض لانتقادات كثيرة لأنه يفتقر إلى الموضوعية العلمية، وأهم هذه الانتقادات:
- قد يقوم الشخص بوصف مشاعر غير حقيقية أو تضليل الباحث، إما عن قصد أو لأنه لا يستطيع وصف ما يشعر به بدقة.
- يصعب استخدامه مع الأطفال الصغار أو من يعانون من صعوبات لغوية أو إعاقات ذهنية.
- التأمل الذاتي (أن يراقب الإنسان نفسه) قد يغير من طبيعة الشعور الذي يمر به (فمراقبة الغضب قد تقلل من حدته).
- يتأثر الفرد بخبراته الشخصية، مما يجعل النتائج "ذاتية" لا يمكن تعميمها.
اختر الإجابة الصحيحة:
يُعد هذا المنهج "شديد الذاتية" ويصعب التحقق من صدقه، لأنه يعتمد على تقرير الفرد الشخصي عن حالته. ينطبق هذا الوصف على...
(أ) المنهج التجريبي
(ب) المنهج شبه التجريبي
(ج) المنهج الوصفي
(د) منهج الاستبطان
ثانياً: المنهج التجريبي
يُعد هذا المنهج هو "المنهج الأكثر علمية وموضوعية"، لأنه يعتمد على التجربة المنضبطة، ويهدف إلى دراسة "أثر" شيء على شيء آخر.
تعريف المنهج التجريبي
هو دراسة أثر "متغير" على "متغير آخر" بطريقة تعتمد على "التحكم الكمي الصارم" في جميع المتغيرات الأخرى (المتغيرات الدخيلة).
مثال: دراسة أثر "الضوضاء" على "مستوى التحصيل الدراسي" للطلاب.
متغيرات الدراسة التجريبية
تعتمد التجربة على ثلاثة أنواع من المتغيرات:
- المتغير المستقل: هو المتغير الذي يريد الباحث معرفة "درجة تأثيره" (في المثال: الضوضاء).
- المتغير التابع: هو المتغير الذي يريد الباحث معرفة "درجة تأثره" بالمتغير المستقل (في المثال: التحصيل الدراسي).
- المتغير الدخيل: هو أي متغير آخر قد يؤثر في التجربة (مثل الإضاءة، الحرارة، مستوى ذكاء الطلاب) ويجب على الباحث "عزله" أو "تثبيته" لضمان دقة النتائج.
شروط المنهج التجريبي
لضمان نجاح التجربة، يجب استخدام مجموعتين متكافئتين (متشابهتين في كل شيء مثل الذكاء والعمر):
- المجموعة التجريبية: هي المجموعة التي تتعرض للمتغير المستقل (في المثال: المجموعة التي تذاكر في الضوضاء).
- المجموعة الضابطة (الضابطة): هي المجموعة التي لا تتعرض للمتغير المستقل، وتُستخدم للمقارنة (في المثال: المجموعة التي تذاكر في هدوء).
بعد انتهاء التجربة، يقوم الباحث بـ "المعالجة التجريبية" (أي مقارنة درجات المجموعتين) لتحديد أثر المتغير المستقل.
(سؤال مقالي):
أراد باحث أن يدرس "أثر استخدام الألعاب التعليمية على سرعة الحفظ لدى أطفال الروضة".
حدد كلاً من: (المتغير المستقل)، (المتغير التابع)، و (متغير دخيل واحد).
ثالثاً: المنهج شبه التجريبي
في كثير من الأحيان، نرغب في دراسة أثر متغيرات معينة، ولكن "الأخلاق" أو "القانون" أو "الدين" يمنعنا من استخدام المنهج التجريبي. هنا نلجأ للمنهج شبه التجريبي.
تعريف المنهج شبه التجريبي
هو دراسة العلاقة بين متغيرين (مستقل وتابع) "كما هما في الواقع" (دون تحكم من الباحث).
نستخدم هذا المنهج عندما يتعذر علينا التحكم في المتغير المستقل لأسباب عملية أو أخلاقية.
مثال تطبيقي (التجريبي مقابل شبه التجريبي)
لنفترض أننا نريد دراسة "أثر الإدمان على الانتباه".
- بالمنهج التجريبي (مستحيل): يجب أن نأتي بمجموعتين، ونجعل إحداهما "مدمنة" (وهذا مستحيل أخلاقياً وقانونياً).
- بالمنهج شبه التجريبي (الحل): نقوم بدراسة الظاهرة "كما هي في الواقع". نأتي بمجموعة "مدمنة بالفعل" (تجريبية)، ونقارنها بمجموعة أخرى "غير مدمنة" (ضابطة)، لقياس الفروق في الانتباه بينهما.
(علل): لماذا يلجأ الباحثون في علم النفس أحياناً إلى استخدام المنهج شبه التجريبي بدلاً من المنهج التجريبي؟
رابعاً: المنهج الإكلينيكي (دراسة الحالة)
هو منهج يعتمد على الدراسة العميقة والشاملة لحالة فرد واحد، ويستخدم غالباً في مجال الصحة النفسية والعلاج.
تعريف المنهج الإكلينيكي
هو إجراء "دراسة حالة" (Case Study) شاملة وعميقة لشخص واحد (أو مجموعة صغيرة جداً). يهدف إلى فهم شخصية الفرد من جميع جوانبها للوصول إلى تشخيص دقيق لمشكلاته.
أدوات المنهج الإكلينيكي
يعتمد الباحث الإكلينيكي (المعالج) على عدة أدوات لجمع المعلومات عن الحالة:
- دراسة تاريخ الحالة: البحث في تاريخ الفرد الاجتماعي، والتعليمي، وظروف نشأته، وخبراته السابقة.
- المقابلات الشخصية: إجراء مقابلات عميقة مع الشخص نفسه ومع أسرته أو المحيطين به.
- الاختبارات والمقاييس النفسية: تطبيق اختبارات (مثل اختبارات الذكاء، أو مقاييس القلق والاكتئاب) لتحديد سماته وقدراته العقلية.
يُستخدم هذا المنهج في: العيادات النفسية (لتشخيص وعلاج الاضطرابات)، وفي التوجيه المهني (لاختيار أنسب مهنة للفرد).
اختر الإجابة الصحيحة:
عندما يحاول أخصائي نفسي فهم أسباب "الخجل الشديد" و "الانطواء" لدى تلميذ، من خلال مراجعة ملفه الدراسي والتحدث مع والديه عن طفولته، فإنه يستخدم...
(أ) المنهج الوصفي الطولي
(ب) المنهج شبه التجريبي
(ج) المنهج الإكلينيكي
(د) المنهج التجريبي
خامساً: المنهج الوصفي
هو منهج يركز على "وصف" الظاهرة كما هي في الواقع، وجمع معلومات دقيقة عنها وعن علاقتها بالظواهر الأخرى.
تعريف المنهج الوصفي
هو منهج يقوم على "الملاحظة" و "جمع البيانات" حول ظاهرة سلوكية معينة ووصفها وصفاً دقيقاً (كمياً وكيفياً)، وتسجيل العلاقة بينها وبين الظواهر الأخرى.
مثال: دراسة نسبة انتشار القلق بين طلاب الثانوية العامة، وعلاقة هذا القلق بالتحصيل الدراسي. (هنا الباحث "يصف" ولا "يجرب").
أشكال المنهج الوصفي
يتم تطبيق المنهج الوصفي بطريقتين أساسيتين، خاصة في "علم النفس الارتقائي" (النمائي):
- الطريقة الطولية: تتم عن طريق "تتبع" (متابعة) فرد واحد أو مجموعة صغيرة من الأفراد "لفترة زمنية طويلة جداً" (قد تصل لسنوات)، لرصد التغيرات التي تطرأ عليهم. (مثال: دراسة نمو الكلام عند طفل واحد من سن سنة إلى ٧ سنوات).
- الطريقة المستعرضة: تتم عن طريق دراسة عينة كبيرة من الأفراد مقسمة إلى "مجموعات عمرية مختلفة" (مثل مجموعة ٥ سنوات، ومجموعة ٧ سنوات، ومجموعة ٩ سنوات) في "نفس الوقت"، ثم مقارنة النتائج بين هذه المجموعات.
(سؤال مقالي):
أراد باحث دراسة "تطور مهارات حل المشكلات لدى الأطفال".
كيف يمكنه دراسة هذه الظاهرة باستخدام (الطريقة الطولية) مرة، و (الطريقة المستعرضة) مرة أخرى؟