الفصل الأول التفكير الإنساني | فلسفه أولى ثانوي

الفصل الأول معنى التفكير الإنساني وأهميته

يُعد التفكير هو الهبة العظمى التي منحها الله سبحانه وتعالى للإنسان، وميزه بها عن سائر الكائنات. فالتفكير عملية فطرية وطبيعية يقوم بها الإنسان دون تعلم مقصود، تماماً كما يبصر ويسمع.

من خلال التفكير، يبني الإنسان "خريطة ذهنية" للعالم المحيط به، ويستخدمها كوسيلة لفهم هذا العالم، وتفسير مواقفه، والتخطيط لمستقبله، وحل المشكلات التي تواجهه.

ما المقصود بالتفكير الإنساني؟

التفكير هو عملية ذهنية معقدة لا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر، بل نستدل عليها من خلال السلوك الظاهري.

التعريف الاصطلاحي للتفكير

يُعرّف التفكير بأنه: "مجموعة العمليات العقلية الراقية التي يقوم بها الإنسان مستهدفاً حل مشكلة ما أو تفسير موقف غامض يواجهه".

عندما يتعرض الفرد لموقف يتحدى خبراته، يبدأ العقل البشري في ممارسة عدة أنشطة ذهنية (غير مرئية) بهدف تفسير هذا الموقف أو إيجاد حل للمشكلة.

كيف تحدث عملية التفكير؟

لا يحدث التفكير من فراغ، بل يبدأ دائماً بمثيرات خارجية يستقبلها الإنسان.

آلية عمل التفكير

تتم عملية التفكير عبر سلسلة من الخطوات المتتابعة:

  • المثيرات (الاستقبال): يبدأ الموقف عندما يتعرض الإنسان لـ "مثير" خارجي يتم استقباله عن طريق "الحواس" (السمع، البصر، اللمس...).
  • المخ البشري (المعالجة): تقوم الحواس بنقل هذه المثيرات إلى "المخ البشري" (مركز التحكم).
  • الأنشطة الذهنية: يبدأ المخ البشري في ممارسة مجموعة من الأنشطة الذهنية (غير المرئية) مثل الفهم، التذكر، التحليل، والربط.
  • تفسير الموقف: تنتهي هذه الأنشطة بـ "تفسير" الموقف أو المثير، أو إيجاد حل للمشكلة المطروحة.

خصائص (تطبيقات) التفكير الإنساني

نحن نمارس التفكير في مختلف مواقف حياتنا اليومية. ويمكن تحديد أربع حالات رئيسية يظهر فيها النشاط العقلي بوضوح:

تنظيم التفكير

يظهر هذا عندما يتمكن الفرد من ترتيب أفكاره وتنسيقها لتحقيق هدف معين.

مثال: الطالب الذي ينظم أفكاره ويضع جدولاً للمذاكرة ويجيب على أسئلة الامتحانات بتسلسل منطقي، يُوصف بأنه "منظم التفكير".

تذكر (استدعاء) الماضي

يتمثل في قدرة العقل على استدعاء الخبرات والمعلومات المخزنة في الذاكرة لاستخدامها في الموقف الحالي.

مثال: عندما تتذكر قاعدة نحوية تعلمتها في الماضي لحل سؤال في الإعراب، أو عندما تتذكر رقم هاتف والدك، أو قانوناً فيزيائياً لحل مسألة.

التخطيط للمستقبل (أحداث قادمة)

هو عملية رسم خريطة ذهنية للمستقبل وتحديد أهداف محددة وخطوات لتحقيقها، بناءً على الخبرات الحالية والماضية.

مثال: عندما تفكر في الكلية التي ترغب في الالتحاق بها وتخطط لمستقبلك المهني، أو عندما تضع الدولة "رؤية مصر ٢٠٣٠" لتحقيق التنمية.

حل المشكلات (تفسير الموقف للتغلب على الصعوبات)

يظهر هذا النشاط عندما يواجه الفرد عقبة أو صعوبة، فيبدأ في استخدام مهاراته الذهنية وخبراته السابقة للوصول إلى حل.

مثال: قيام الدولة بإنشاء الكباري لحل مشكلة التكدس المروري، أو إطلاق مبادرة "١٠٠ مليون صحة" للقضاء على فيروس سي.

أهمية التفكير الإنساني (للفرد والمجتمع)

لا يقتصر التفكير على كونه نشاطاً ذهنياً، بل هو أداة أساسية لتحقيق منافع كبرى للفرد الذي يمارسه والمجتمع الذي يعيش فيه.

المنفعة العملية للفرد

التفكير الجيد يساعد الفرد على الدخول في "مجال التنافس" مع الآخرين والنجاح فيه بفاعلية.

مثال: الطالب الذي يفكر جيداً في اختيار التخصص الجامعي المناسب لقدراته وميوله، يتمكن من التفوق فيه لاحقاً. الطبيب الذي يطور مهاراته باستمرار ينجح في مجال عمله.

المنفعة العامة (للمجتمع)

عندما يمتلك أفراد المجتمع مهارات التفكير الجيد، فإنهم يساهمون في "إصدار الأحكام" السليمة و "حل المشكلات" التي تواجه مجتمعهم.

مثال: قيام مدير في شركة بوضع نظام جديد يحسن من كفاءة العمل ويزيد الإنتاج للجميع.

الصحة النفسية

التفكير السليم يمنح الفرد "القدرة على التكيف" مع الأحداث والمتغيرات المحيطة به.

مثال: الشخص الذي ينتقل إلى بيئة عمل جديدة أو جامعة جديدة، ويستخدم التفكير للتأقلم مع الزملاء الجدد والنظام الجديد، فإنه يشعر بـ "الراحة النفسية".

القدرة على التحليل والتقويم والنقد

التفكير الجيد، وخاصة "التفكير الناقد"، يحمي الفرد من التأثر بأفكار الآخرين الهدامة أو الخاطئة.

مثال: الشخص الذي يفحص الأفكار التي تُعرض عليه ويرفض المعتقدات الخاطئة أو الأفكار المتطرفة (مثل التعصب الفكري) بناءً على مبررات عقلية، فإنه يمتلك قدرة على النقد.