مقدمة في دراسة علم الاقتصاد

مقدمة في دراسة علم الاقتصاد

يتشكل موضوع أي علم من العلوم في محاولة فهم وتخيل ظاهرة من الظواهر أو مشكلة معينة، والمشكلة التي يهتم علم الاقتصاد بدراستها وتحليلها هي مشكلة الندرة النسبية للموارد أو المشكلة الاقتصادية بصفة عامة. حيث تمثل النقطة المركزية التي يدور حولها علم الاقتصاد سواء من حيث نشأتها وأسبابها ومظاهرها.

تعريف المشكلة الاقتصادية والندرة

المشكلة الاقتصادية للإنسان قديمة قدم الزمن، ومنذ بدأت الأزل، ولازمت الإنسان من بداية وجوده على الأرض وحتى الآن. وتتمثل المشكلة الاقتصادية في وجود موارد محدودة نسبياً في مواجهة حاجات متعددة للفرد أو المجتمع.

أولاً: الحاجات

تعريف الحاجة: الحاجة في اللغة العادية معناها الحرمان من شئ ضروري، أما الحاجة في الاقتصاد، فهي كل رغبة تساوي النفس سواء كانت متفقة مع القواعد القانونية والأخلاقية أو مخالفة لها. فالحاجة بمعنى الأعم هي شعور نفسي بالحرمان يلح على الفرد مما يدفعه للقيام بنشاط معين يزيل هذا الشعور ويشبع حاجته.

الحاجات الإنسانية المتعددة: لكل إنسان في هذا الوجود حاجات متعددة، يشعر بها بمجرد وجوده في الحياة، وتلازمه منذ اللحظة التي يخرج فيها إلى الحياة إلى اللحظة التي يلفظ فيها أنفاسه الأخيرة. وهذه الحاجات تتفاوت فيما بينها من حيث درجة شعور الفرد بها، أو من حيث درجة إلحاحها عليه.

مشكلة الندرة

لا يقصد بالندرة في علم الاقتصاد الندرة المطلقة للموارد، ولكن ما يهتم به علم الاقتصاد بحق هو الندرة النسبية، أي ندرة الموارد بالنسبة للحاجات الإنسانية التي تساهم في إشباعها. فمشكلة الندرة تتوقف على العلاقة بين الموارد والحاجات لا على كمياتها المطلقة، أي أنها مسألة نسبية.

فإذا نظرنا لوحدنا أن هذه الموارد محدودة بالنسبة للحاجات غير المحدودة والمتجددة، تمثل جوهر المشكلة الاقتصادية التي يعاني منها أي مجتمع. وتظل حقيقة قائمة إلى آجال طويلة قادمة، هذه الحقيقة هي التي يطلق عليها اسم المشكلة الاقتصادية أو مشكلة الندرة.

علل: المشكلة الاقتصادية هي مشكلة ندرة نسبية وليست ندرة مطلقة.

الإجابة: لأن المشكلة لا تنشأ من قلة الموارد بحد ذاتها (الندرة المطلقة)، بل تنشأ من العلاقة بين الموارد المتاحة والحاجات الإنسانية. فمهما كانت الموارد وفيرة، فإنها تظل نادرة ومحدودة "نسبةً إلى" الحاجات الإنسانية غير المحدودة والمتعددة.

خصائص الحاجات الإنسانية

تتميز الحاجات الإنسانية بخصائص متعددة يمكن حصرها فيما يلي:

١- الحاجات الإنسانية متعددة و ٢- الحاجات الإنسانية متزايدة

إذا كانت الحاجات الإنسانية متعددة، فهي أيضاً متزايدة. فحاجة الإنسان إلى المأكل في العصر الحديث لم تعد قاصرة على رغيف الخبز وقطعة الجبن. وكذلك لم تعد وسيلة تلبية حاجة ضرورية استجابة لنداء الطبيعة، وإنما تعدت هذه الحدود لتصل إلى مرحلة التذوق والتمتع بشتى الأصناف من المأكولات. ومع تطور الحياة الإنسانية، أصبحت عملية الشراء من أجل الشراء تهدف إلى مجرد إظهار القدرة على الشراء أو التباهي بين الأفراد أو الأصدقاء أو بهدف إظهار المكانة الاجتماعية.

٣- الحاجات الإنسانية متجددة

إذا كانت الحاجات الإنسانية تتصف بأنها متعددة ومتزايدة، فإنها كذلك حاجات متجددة. أي تتجدد بصفة مستمرة وتتطلب إشباعاً دورياً سواء بعد فترة قصيرة أو طويلة من الزمن. فحاجة الإنسان إلى الطعام مثلاً نراها تتجدد ثلاث أو أربع مرات يومياً.

٤- الحاجات الإنسانية قابلة للإشباع

إذا كانت الحاجة تعني الشعور بالحرمان من شئ معين، فإن حصول الإنسان على قدر معين من هذا الشيء، فإنه يشبع حاجته منه. فكلما استرسل الإنسان في الحصول على هذا الشئ كلما زادت نسبة الإشباع وتناقص الشعور بالحرمان والألم.

فقابلية الحاجة للإشباع لا تظهر في لحظة أو أخرى، وإذا فإن الاستمرار في استهلاك الأموال للوصول إلى مرحلة الإشباع، يسبب بعد وقت معين، ضرراً لا نفعاً، وألماً لا متعةً. مثلاً إذا شرب الإنسان كوباً من الماء وهو ضمان فإنه يروي حاجته من العطش، فإذا شرب كوباً آخر قلت منفعته وقل الشعور بالراحة.

٥- قابلية الحاجات للإحلال أو الاستبدال

تخضع الحاجات الإنسانية لقانون الإحلال أو الاستبدال، وتتوقف قابلية الإحلال على مقدار التقارب بين الحاجات في تحقيق الإشباع. فقد يعدل الإنسان عن استهلاك سلعة معينة إذا وجد سلعة أخرى تؤدي نفس الإشباع أو المنفعة. قد يحل الإنسان استهلاك القهوة إلى استهلاك الشاي، أو استهلاك المنسوجات القطنية إلى استهلاك المنسوجات الحريرية.

اختر - الخاصية التي تعني أن حاجة الإنسان للطعام تتكرر يومياً هي خاصية:
(أ) التعدد. (ب) التزايد. (ج) التجدد. (د) القابلية للإحلال.

الإجابة: (ج) التجدد.

أنواع الحاجات الإنسانية

يمكن تقسيم الحاجات التي يشعر بها الإنسان ويرغب في إشباعها إلى الأنواع التالية:

أولاً: الحاجات الضرورية والحاجات الكمالية

الحاجات الضرورية هي تلك الحاجات التي تتوقف عليها حياة الإنسان وبقائه على قيد الحياة، كالمأكل والملبس والمسكن والعلاج. أما الحاجات الكمالية فهي حاجات لا يتوقف عليها حياة الإنسان وإنما تزيد من متعة الحياة وتجعلها أكثر بهجة دون المساس بالحياة ذاتها، كوسائل الترفيه المختلفة والاستمتاع بالموسيقى وتناول الأنواع المكلفة من الطعام، وشراء الملابس الفخمة.

ومع ذلك فإن تقسيم الحاجات إلى حاجات ضرورية وحاجات كمالية ليس تقسيماً جامداً أو قاطعاً، ففكرة السلع الكمالية تتغير من شخص إلى آخر وتتغير من مكان إلى مكان، فحاجة الإنسان الذي يعيش في المدينة (كالقاهرة أو الإسكندرية) إلى سيارة تعد ضرورية، في حين أنها كمالية في بعض المناطق الريفية.

ثانياً: الحاجات الفردية والحاجات الجماعية

الحاجة الفردية: هي تلك الحاجة التي ترتبط بشخصية الفرد كالحاجة إلى المأكل والملبس والمسكن. أما الحاجات الجماعية فهي التي ترتبط بوجود الجماعة ولا يمكن إشباعها إلا بصورة جماعية مثل الحاجة إلى الأمن أو الدفاع والقضاء والتعليم.

ثالثاً: الحاجات المادية والحاجات المعنوية

الحاجات المادية مرتبطة بضرورة الحصول على موارد مادية ملموسة لإشباعها، فالشعور بالجوع يحتاج إلى طعام. أما الحاجات المعنوية فترتبط إلى حد كبير على الأحاسيس المتبادلة بين الأفراد، فحاجة الإنسان إلى صديق لا تعتمد على موارد مادية، وكذلك حاجة الإنسان إلى الحب والوفاء كلها أمور لا تعتمد في وجودها على موارد مادية ملموسة، وإنما تعتمد على عواطف ومشاعر محسوسة.

اختر - الحاجة إلى التعليم وخدمات القضاء والأمن تصنف ضمن الحاجات:
(أ) الفردية. (ب) الجماعية. (ج) الكمالية. (د) المادية.

الإجابة: (ب) الجماعية.

الموارد الاقتصادية

المال أو (المورد) الاقتصادي: ويعرف بأنه كل شيء يصلح لإشباع حاجة إنسانية بشرط أن تكون كميته محدودة. أما الموارد الحرة التي توجد بكميات وفيرة وتزيد عن الحاجة إليها فهي لا تعتبر مالاً اقتصادياً، مثل الهواء وأشعة الشمس.

تعريف الموارد وندرتها

كذلك يستخدم الاقتصاديون معيار الثمن لمعرفة ما إذا كان مورد أو مال معين محدود أو غير محدود، فيقرون أن وجود ثمن مهما كان تافهاً يعني أن المورد محدود. أما عدم وجود الثمن فيعني أن المورد غير محدود ومتوافر بكميات هائلة.

ومادامت المشكلة الاقتصادية تعني في جوهرها عدم كفاية الموارد الاقتصادية المتاحة لإشباع كافة الحاجات الإنسانية التي تصلح للإشباع، فإن المشكلة الاقتصادية لا تنشأ فقط من الندرة النسبية للموارد، وإنما أيضاً لأن الموارد الاقتصادية المحدودة قابلة للإحلال أي أن يحل بعضها محل البعض الآخر في الاستخدام الواحد.

قابلية الموارد للإحلال

يمكن أن يحل عنصر العمل محل عنصر رأس المال في زراعة الأرض أو العكس. وكذلك تنشأ مشكلة الاختيار بسبب أن الموارد الاقتصادية فضلاً عن كونها قابلة للإحلال، فإنها غير متخصصة ويمكن استخدامها في وجوه مختلفة. فالموارد الاقتصادية لها استخدامات بديلة، فالأرض يمكن أن تستخدم كأرض زراعية كما يمكن أن تستخدم في بناء منزل أو مصنع.

علل: لا يعتبر الهواء وأشعة الشمس من "الموارد الاقتصادية".

الإجابة: لأنها تعتبر "موارد حرة"، أي أنها متوفرة بكميات وفيرة تزيد عن الحاجة إليها، وليس لها ثمن، ولا تتطلب جهداً للحصول عليها. المورد الاقتصادي يجب أن يتسم بالندرة النسبية.

المشكلة الاقتصادية كمشكلة اختيار

الندرة النسبية للموارد الاقتصادية تتطلب ضرورة اتخاذ قرار بالاختيار بين شيئين. فندرة الموارد إنما تعني عدم القدرة على إنتاج كل ما نحتاج إليه من سلع وخدمات، وأن إنتاج أية سلعة أو خدمة يتضمن بالضرورة اتخاذ قرار باختيار.

الاختيار وتكلفة الفرصة البديلة

وبمعنى آخر، فإن المشكلة الاقتصادية مشكلة اختيار، بمعنى آخر، أن المشكلة الاقتصادية هي مشكلة الاختيار الناشئة عن تعدد الحاجات وندرة الموارد. ومن هنا يطلق على المشكلة الاقتصادية اسم مشكلة التضحية أو مشكلة تكلفة الفرصة البديلة.

فإذا قدر للمجتمع أن يختار، أي الجمع بين السلع والخدمات، وكيفية توزيع السلع والخدمات المنتجة، فلا بد أن تكون هناك تكلفة لهذا الاختيار. وذلك لأن اختيار طريقة معينة للتصرف يعني التضحية بطرق أخرى، وهذا المشكل يُعرف في علم الاقتصاد بمشكلة الاختيار.

النتائج المترتبة على المشكلة الاقتصادية

إذا كانت المشكلة الاقتصادية التي تواجه أي مجتمع تتطلب منه الإجابة على الأسئلة الثلاثة التالية:

  • أولاً: ماذا ينتج من السلع والخدمات؟ وما كمية هذا الإنتاج؟ (مشكلة الاختيار وتحديد الأولويات).
  • ثانياً: ما هي الطريقة التي سوف يتم بها الإنتاج؟ (مشكلة الكفاءة الإنتاجية).
  • رابعاً (ثالثاً): ما هي الكيفية التي سيتم بها توزيع الموارد الاقتصادية على مختلف السلع والخدمات؟ (مشكلة التوزيع).

وهذه المشكلات التي تنجم أساساً عن قصور الموارد المتاحة للمجتمع عن إشباع حاجاته غير المحددة.

اختر - التكلفة المترتبة على التضحية بسلعة من أجل الحصول على سلعة أخرى تسمى:
(أ) الندرة النسبية. (ب) مشكلة التوزيع. (ج) الموارد الحرة. (د) تكلفة الفرصة البديلة.

الإجابة: (د) تكلفة الفرصة البديلة.

متطلبات مواجهة المشكلة الاقتصادية

المشكلة الاقتصادية تتطلب من أي مجتمع قبل أن يجيب على هذه الأسئلة أن يقوم بالأمور التالية:

التشغيل الكامل للموارد وتنمية الموارد

١- ضرورة توافر التشغيل الكامل لكافة عوامل الإنتاج: فليس من المنطق أن يشكو مجتمع من نقص الموارد الاقتصادية بالنسبة للحاجات الإنسانية، ولديه بطالة وطاقات معطلة بين العمال وأراضي دون استخدام. فالتشغيل الكامل لجميع عناصر الإنتاج لا يعني بالضرورة أن كل عنصر من هذه العناصر قد استخدم بأكبر قدر من الكفاءة الإنتاجية.

٢- استغلال الموارد بأكبر قدر من الكفاءة الإنتاجية.

٣- العمل الدائم على تنمية الموارد الاقتصادية بشكل مستمر وبمعدلات مرتفعة.

أهمية توافر المعلومات بالنسبة للنظام الاقتصادي

  1. يساعد توافرها على حل المشكلات الاقتصادية.
  2. توافر المعلومات يساعد على كفاءة النظام الاقتصادي.
  3. توافر المعلومات يساعد على التقدم الفني للعملية الإنتاجية.
  4. معرفة كمية الموارد الاقتصادية المتاحة يتوقف على مدى توافر المعلومات المتعلقة بخصائص هذه الموارد ووظائفها.

علل: لا يكفي "التشغيل الكامل" للموارد لحل المشكلة الاقتصادية، بل يجب أن يقترن بـ "الكفاءة الإنتاجية".

الإجابة: لأن التشغيل الكامل يعني فقط استخدام كل الموارد المتاحة، ولكن هذا لا يضمن أنها تُستخدم بأفضل طريقة ممكنة. أما الكفاءة الإنتاجية فتعني استخدام هذه الموارد بأكبر قدر من الكفاءة لتحقيق أكبر إنتاجية ممكنة، وهو ما يساهم بشكل أكبر في سد الفجوة بين الموارد المحدودة والحاجات غير المحدودة.