الحدود السياسية (مفهومها وأهميتها ووظائفها) - جغرافيا ثالثه ثانوي
الحدود السياسية (مفهومها وأهميتها ووظائفها)
تُعد "الحدود السياسية" من أهم الخصائص التي تميز الدولة الحديثة، فهي التي تحدد نطاقها الإقليمي (الأرضي) الذي تمارس عليه الدولة سيادتها، وتحدد المجال الجوي والبحري التابع لهذه السيادة.
في هذا الدرس، سنتعرف على مفهوم الحدود السياسية، والفرق بينها وبين "التخوم" القديمة، ونتتبع العوامل التي أدت إلى نشأة الحدود الخطية الحديثة، ومراحل تخطيطها، وأخيراً نستعرض الوظائف الحيوية التي تؤديها هذه الحدود.
أولاً: الحدود السياسية والتخوم
تُعد الحدود السياسية ظاهرة بشرية حديثة نسبياً، حلت محل المفهوم الأقدم وهو "التخوم".
تعريف الحدود السياسية
"الحدود السياسية" هي "خطوط" (خطية) تُرسم على الخرائط، وتحدد الرقعة الأرضية التي تمارس عليها الدولة سيادتها.
تنتهي عند هذه الخطوط سيادة الدولة لتبدأ سيادة دولة أخرى، ويجب أن يعترف بهذه الحدود المجتمع الدولي والدول المجاورة.
وتشمل الحدود:
- (١) المجال الجوي والبحري التابع لسيادة الدولة.
- (٢) الموارد الأرضية والسطحية والباطنية التي تسيطر عليها الدولة.
التخوم (الحدود القديمة)
"التخوم" هي مناطق جغرافية (مساحات) كانت تفصل بين الدول قديماً، ولم تكن خطوطاً دقيقة.
خصائصها:
- كانت عبارة عن "مناطق مساحية" (لها طول وعرض) مثل الصحاري أو الغابات أو الجبال (مثل غابات جبلية تفصل بين الدول).
- لم تكن ظاهرة قانونية أو شرعية، بل كانت مجرد مناطق نفوذ طبيعية.
- كانت ثابتة في المكان لا تتغير بتغير الظروف.
- غالباً ما تضم "موارد طبيعية" (مثل الغابات)، لأنها لم تكن أرضاً تابعة لأحد.
(سؤال مقالي):
"كانت التخوم هي الشكل السائد للفصل بين الدول قديماً".
بم تفسر: تحولت الدول من استخدام "التخوم" إلى ترسيم "الحدود السياسية الخطية"؟
ثانياً: العوامل المؤثرة على نشأة الحدود السياسية
لم تظهر الحدود الخطية الحديثة فجأة، بل نشأت نتيجة لعدة عوامل أدت إلى اختفاء "التخوم" وظهور "الحدود".
عامل زيادة عدد السكان
أدت زيادة عدد سكان كل دولة إلى "التوسع" في الأراضي الزراعية على حساب مناطق "التخوم" المجاورة (الغابات أو الصحاري).
وعندما التقت توسعات الدولتين الجارتين عند نقطة معينة، كان لا بد من ترسيم "حدود خطية" دقيقة للفصل بين سيادتهما، بدلاً من التخوم التي اختفت.
الحاجة إلى تنمية المناطق الهامشية
عندما أدركت الدولتان المتجاورتان أن مناطقهما الهامشية (التخوم) تحتوي على "موارد اقتصادية" (مثل المعادن أو البترول)، سعت كل دولة إلى "تنمية" هذه المناطق واستغلالها.
أدى ذلك إلى ضرورة ترسيم الحدود بدقة في هذه المناطق، لتحديد حصة كل دولة من الموارد ومنع النزاعات المستقبلية.
المعاهدات المبرمة بين الدول
الكثير من حدود العالم اليوم تم ترسيمها بناءً على "معاهدات" واتفاقيات بين الدول، وذلك خوفاً من طغيان دولة قوية على جارتها الضعيفة.
الحروب
لعبت الحروب دوراً كبيراً في تغيير الحدود. ففي كثير من الأحيان، تُفرض "حدود الغالب والمغلوب" (خطوط الهدنة أو وقف إطلاق النار) كحدود سياسية جديدة بعد انتهاء الحرب.
تقسيم الاستعمار لمستعمراته
يُعد هذا العامل هو السبب الرئيسي في نشأة معظم الحدود الخطية في قارات آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية.
حيث قام الاستعمار الأوروبي بـ "تقسيم" مستعمراته إلى دول، ورسم حدوداً فاصلة بينها، تحولت لاحقاً إلى الحدود الرسمية لهذه الدول بعد استقلالها.
اختر الإجابة الصحيحة:
عند اكتشاف حقل بترول ضخم على الحدود بين دولتين، فإن العامل الأرجح الذي سيدفع لإعادة ترسيم الحدود هو...
(أ) زيادة عدد السكان
(ب) الحروب
(ج) المعاهدات المبرمة
(د) الحاجة لتنمية المناطق الهامشية
ثالثاً: مراحل تخطيط الحدود السياسية
لا يتم رسم الحدود السياسية عشوائياً، بل تمر بأربع مراحل دقيقة تعتمد على الجغرافيين والقانونيين واللجان الفنية.
المرحلة الأولى: التعريف والتخطيط (المعاهدة)
هي المرحلة "النظرية" أو "القانونية". يتم فيها وضع "معاهدة" مكتوبة بين الدولتين.
تتضمن هذه المعاهدة "الوصف" الدقيق للحد، وكلما كان الوصف تفصيلياً ودقيقاً، قلت فرص الاحتكاك والنزاع في المستقبل.
المرحلة الثانية: التحديد (على الخريطة)
هي المرحلة "الجغرافية". يتم فيها تحويل نصوص المعاهدة (الوصف) إلى "خط" فعلي على الخريطة.
يتم ذلك بواسطة "لجنة جغرافية" تستعين بالخرائط التفصيلية والصور الجوية.
(قد تظهر في هذه المرحلة مشكلات بسيطة، مثل وجود قرية صغيرة أو مزرعة يمر بها الخط، فيتم تعديل مسار الخط لمسافات بسيطة).
المرحلة الثالثة: التعيين (على الطبيعة)
هي المرحلة "التطبيقية". يتم فيها "تحديد" وتوقيع الخط الحدودي "على الطبيعة" (على أرض الواقع).
يتم ذلك بالاستعانة بنصوص المعاهدة، وخرائط المرحلة الثانية، والمعلومات التي جمعها الجغرافيون.
يتم فيها وضع علامات الحدود بأشكالها المختلفة (مثل: أسلاك شائكة، أعمدة من الحجارة، أو بناء أسوار).
المرحلة الرابعة: إدارة الحد
هي المرحلة "الدائمة" والأخيرة. يتم فيها الحفاظ على فاعلية الحد وحراسته.
تشمل هذه المرحلة:
- (١) الاتفاق على "منافذ العبور" (المعابر) ونقاط التفتيش والجمارك.
- (٢) وضع "لجان فض المنازعات" (إن وجدت).
- (٣) الحفاظ على علامات الحدود وصيانتها.
(سؤال مقالي):
"يلعب الجغرافيون دوراً حيوياً في ترسيم الحدود السياسية".
حدد المرحلة التي يبرز فيها دور الجغرافيين بشكل أساسي، موضحاً مهمتهم فيها.
رابعاً: وظائف الحدود السياسية
تُعد الحدود السياسية بمثابة "الدرع الواقي" للدولة، ولها أربع وظائف رئيسية وحيوية.
الفصل بين الدول (الوظيفة الأساسية)
هي الوظيفة الأولى والأقدم. تقوم الحدود بالفصل بين الدولتين من خلال "معاهدات" رسمية وموقعة على الخرائط.
يتم وضع "علامات الحدود" (أسوار، أعمدة) على طول خط الحدود، بالإضافة إلى نقاط التفتيش، والمنافذ الجمركية، والحراسات.
الحماية والأمن (الوظيفة العسكرية)
تُعد هذه الوظيفة هي "الأهم" والأكثر حيوية. فالحدود هي خط الدفاع الأول للدولة ضد أي "غزو" أو "عدوان خارجي".
لذلك، تتركز "التحصينات العسكرية" (مثل القلاع والحصون) والدفاعات الجوية على طول الحدود.
تأثير التقنية: أثرت التقنيات الحديثة (مثل الأقمار الصناعية والطائرات) على هذه الوظيفة، وأسقطت "نظرية الحد الآمن" (مثل سقوط خط بارليف).
الحماية الاقتصادية
تقوم الحدود بحماية اقتصاد الدولة من خلال:
- تحديد نصيب الدولة من الموارد: تحديد حصة الدولة من الموارد الطبيعية (مثل آبار البترول أو حقول الغاز) الموجودة على جانبي الحد.
- مراقبة تدفق السلع: مراقبة السلع الداخلة والخارجة ومنع "التهريب".
- فرض الرسوم الجمركية: وضع جمارك على السلع المستوردة لحماية "المنتج المحلي" من المنافسة.
الوظيفة السياسية والقانونية
الحد هو الذي يحدد "سيادة الدولة". فكل القوانين التي تصدرها الدولة تُطبق فقط على الأفراد والأراضي الموجودة "داخل" هذا الحد السياسي.
كما تهدف هذه الوظيفة إلى "منع دخول الأفراد غير المرغوب فيهم" (خوفاً من تهديد الأمن القومي أو نشر أفكار هدامة)، أو منع عبور "الصحف والمجلات والكتب" التي تضر بسلامة الوطن.
اختر الإجابة الصحيحة:
عندما تمنع دولة ما دخول كتب تروج لأفكار متطرفة إلى أراضيها، فإنها بذلك تمارس وظيفتها...
(أ) الاقتصادية
(ب) العسكرية (الحماية والأمن)
(ج) السياسية والقانونية
(د) الفصل بين الدول