العقوبة وخصائصها وأنواعها | علم العقاب
ماهية العقوبة وخصائصها وأنواعها
تُعرف العقوبة بأنها "إيلام مقصود يوقع من أجل الجريمة، ويتناسب معها". هذا التعريف يكشف عن معظم عناصر العقوبة ومقوماتها. وهي تمثل الجزاء الجنائي الذي يقرره المشرع ويحكم به القاضي على الشخص المسؤول عن الجريمة. في هذا الدرس، نستعرض بالتفصيل ماهية العقوبة، عناصرها الأساسية، خصائصها المميزة، وأنواعها المختلفة.
تعريف العقوبة وعناصرها
تعددت التعريفات التي قال بها الفقه لتعريف العقوبة، ولكن يمكن التركيز على تعريفين رئيسيين وفهم العناصر المستخلصة منهما.
أولاً: تعريف العقوبة
قيل في تعريفها أنها "جزاء جنائي يقرره المشرع ويحكم به القاضي على الشخص المسؤول عن الجريمة". وقيل أيضاً بأنها "إيلام مقصود يوقع من أجل الجريمة ويتناسب معها".
ويتميز التعريف الأخير بأنه يكشف عن معظم عناصر العقوبة ومقوماتها، والتي يمكن استخلاصها في عنصر "الإيلام المقصود".
ثانياً: عناصر العقوبة (الإيلام)
الإيلام: هو جوهر العقوبة. والإيلام يعني حرمان المحكوم عليه من بعض حقوقه، سواء بصورة جزئية أو كلية. ويرتبط الإيلام من حيث نوعه وجسامته بمقدار ما يعتنقه المجتمع من قيم وأخلاق، كما يرتبط بنوع الجريمة المرتكبة ومقدار جسامتها.
- قد يكون الإيلام "جسمانياً"، كما هو الحال لل عقوبات البدنية.
- قد يكون "معنوياً"، كما في حالة سلب الحرية أو تقييدها.
- قد يكون "مادياً أو مالياً"، وذلك بالانتقاص من بعض الحقوق المالية.
الإيلام المقصود: يجب أن يكون الإيلام مقصوداً، أي أنه هو الهدف الأساسي الذي توقعه العقوبة، وليس أثراً عرضياً. وهذا ما يميز "العقوبة" عن "التدابير الاحترازية".
فالتدابير الاحترازية (مثل إيداع مريض العقل في مستشفى) قد تؤلم الشخص، ولكن هذا الإيلام ليس مقصوداً بذاته، بل الهدف هو العلاج والإصلاح، أما العقوبة فهدفها الرئيسي هو الإيلام كجزاء على الجريمة.
كما ينطوي الإيلام على معنى "القسر والإجبار"، فهو يفرض على المحكوم عليه ولا يفترض الرضاء به.
اختر - الفرق الجوهري بين "العقوبة" و "التدابير الاحترازية" يكمن في:
(أ) العقوبة تسبب ألماً، والتدبير لا يسبب ألماً. (ب) العقوبة تهدف للإصلاح، والتدبير يهدف للجزاء. (ج) الإيلام في العقوبة مقصود بذاته كجزاء، وفي التدبير هو أثر عرضي. (د) العقوبة يوقعها القاضي، والتدبير توقعه الشرطة.
الإجابة: (ج) الإيلام في العقوبة مقصود بذاته كجزاء، وفي التدبير هو أثر عرضي.
خصائص العقوبة: الشرعية
للعقوبة عدة خصائص تميزها، وهي أنها شرعية، وشخصية، وعادلة، وقضائية. الخاصية الأولى والأهم هي "الشرعية".
أولاً: العقوبة شرعية (مبدأ الشرعية)
تمنع العقوبة بدون شك حقوقاً للمحكوم عليهم، وتقتضي هذه الحقوق عدم جواز المساس بها إلا إذا نص القانون على ذلك. وعليه، لا بد أن تخضع العقوبة لمبدأ "شرعية الجرائم والعقوبات"، الذي يقضي بأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون".
هذا المبدأ من المبادئ القديمة التي تمتد جذوره إلى القرون الوسطى، حيث نجد أصوله في العهد الأعظم في إنجلترا عام ١٢١٥ (الماغنا كارتا، المادة ٣٩)، وفي إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة ١٧٨٩ (المادة ٨).
ومعنى هذا المبدأ، أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص قانوني. فهذا المبدأ يحصر الأفعال التي تعد جرائم والعقوبات المقررة لها في نصوص القانون، فتصبح واضحة ومحددة للأفراد.
وينتج عن ذلك، أن القاضي لا يستطيع أن يجرم فعلاً لم ينص القانون على اعتباره جريمة، أو يحكم بعقوبة ليس لها أساس في نصوص القانون. فالقاضي لا يستطيع تجريم أفعالاً مباحة، أو الحكم بغير العقوبات المنصوص عليها.
علل: يُعد مبدأ "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" ضمانة أساسية لحقوق الأفراد.
الإجابة: لأن هذا المبدأ يحصر الأفعال المجرمة وعقوباتها في نصوص قانونية واضحة ومحددة سلفاً، فلا يترك الأمر لسلطة القاضي التقديرية في خلق جرائم أو عقوبات. وهذا يمنع التعسف ويسمح للأفراد بمعرفة الأفعال المباحة والمحرمة مقدماً، مما يحمي حرياتهم وحقوقهم من أي تحكم.
خصائص العقوبة: الشخصية والعدالة والقضائية
بالإضافة إلى الشرعية، تتمتع العقوبة بثلاث خصائص جوهرية أخرى.
ثانياً: العقوبة شخصية
بمعنى أن العقوبة يجب أن لا توقع إلا على من يثبت بالدليل المباشر أنه قام بارتكاب الفعل الذي يجرمه القانون أو ساهم في ارتكابه. فلا يجوز أن يمتد العقاب إلى أشخاص لا تربطهم بالجريمة صلة، ولو كانت هناك صلة تربطهم بالجاني، كأن يكون مثلاً أحد أفراد أسرته أو من ورثته.
ثالثاً: العقوبة عادلة
بمعنى أن العقوبة يجب أن تكون متناسبة مع الجريمة التي ارتكبها الجاني، حتى ترضي الشعور العام بالعدالة. ومقدار العقوبة ونوعها يختلفان باختلاف الجريمة وظروف ارتكابها.
يتعلق تقدير العقوبة بالجانب المادي للجريمة (النتيجة) والجانب المعنوي (النية والقصد). كما يدخل في الاعتبار الظروف الشخصية للجاني، مثل الخطأ الذي ينسب إلى إرادته أو توافر صفة معينة في الجاني.
رابعاً: العقوبة قضائية
أي أن الحكم بها لا يكون إلا عن طريق حكم قضائي. فلا يجوز توقيع العقوبات دون المثول أمام قاضٍ. ولا يملك توقيع العقوبات المقررة بالقانون على مرتكبي الجرائم سوى القضاة المختصين.
لا تملك أي سلطة من سلطات الدولة غير القضاء، أن تحكم على فرد بعقوبة جنائية. وقد نص الدستور المصري على هذا المبدأ في المادة ٦٦ منه.
اختر - المبدأ الذي يعني أن العقوبة لا تمتد إلى ورثة الجاني أو أفراد أسرته هو:
(أ) مبدأ شرعية العقوبة. (ب) مبدأ شخصية العقوبة. (ج) مبدأ عدالة العقوبة. (د) مبدأ قضائية العقوبة.
الإجابة: (ب) مبدأ شخصية العقوبة.
أنواع العقوبات (حسب الحق المعتدى عليه والمدة)
تتعدد تقسيمات العقوبات وفقاً للمعيار الذي يتخذ لهذا التقسيم. يمكن تقسيم العقوبات بالنظر إلى طبيعة الحق الذي تتناوله، أو بالنظر إلى مدتها.
أولاً: بالنظر إلى طبيعة الحق الذي تتناول العقوبة مساساً به
- عقوبة "بدنية": كالإعدام (تمس الحق في الحياة).
- عقوبة "سالبة للحرية": كالسجن المؤبد أو السجن المشدد أو الحبس (تمس الحق في الحرية).
- عقوبة "مقيدة للحرية": مثل مراقبة البوليس (تقيد الحرية دون سلبها).
- عقوبة "مالية": كالغرامة (تمس الحق المالي).
- عقوبة "سالبة لبعض الحقوق والمزايا": كالحرمان من بعض الحقوق المدنية أو السياسية.
ثانياً: بالنظر إلى مدة العقوبة
ينطبق هذا التقسيم على العقوبات السالبة للحرية، فتنقسم إلى:
- عقوبة مؤبدة: وهي عقوبة السجن المؤبد، والأصل أنها تدوم مدى حياة المحكوم عليه، وإن كان قانون تنظيم السجون يجيز الإفراج عنه بشروط معينة بعد مضي ستة عشر عاماً (المادة ٥٢/ ١).
- عقوبة مؤقتة: وهي العقوبات السالبة للحرية ذات المدة المحددة، وهي: السجن المشدد، والسجن، والحبس.
اختر - تُصنف عقوبة "مراقبة البوليس" ضمن العقوبات:
(أ) السالبة للحرية. (ب) البدنية. (ج) المقيدة للحرية. (د) المالية.
الإجابة: (ج) المقيدة للحرية.
أنواع العقوبات (الأصلية والتبعية والتكميلية)
يقوم هذا التقسيم على أساس مدى كفاية العقوبة وحدها كجزاء للجريمة، ومدى إلزام القاضي بالنطق بها.
ثالثاً: من حيث كتابة العقوبة بذاتها كجزاء
-
العقوبات الأصلية:
هي التي يقررها القانون كجزاء رئيسي للجريمة. يكفي النطق بها وحدها لتكون جزاءً كاملاً، ويغني الحكم بها عن الحكم بعقوبة أخرى (ما لم ينص القانون على خلاف ذلك). أمثلتها: الإعدام، السجن المؤبد، السجن المشدد، السجن، الحبس، والغرامة.
-
العقوبات التبعية:
هي عقوبات غير رئيسية، لا يجوز النطق بها بمفردها، بل هي تتبع العقوبة الأصلية "بقوة القانون" ودون حاجة إلى أن ينطق بها القاضي صراحة في حكمه. (مثل الحرمان من بعض الحقوق كأثر للحكم بعقوبة جناية).
-
العقوبات التكميلية:
هي أيضاً عقوبات غير رئيسية، لكنها تختلف عن "التبعية" في أنها لا تنفذ إلا إذا نطق بها القاضي صراحة في حكمه. وتنقسم إلى:
- (أ) عقوبات تكميلية وجوبية: يجب على القاضي الحكم بها (مثل المصادرة في جرائم معينة).
- (ب) عقوبات تكميلية جوازية: للقاضي الخيار في الحكم بها أو عدمه (مثل العزل من الوظائف الأميرية).
اختر - العقوبة التي يجب على القاضي أن ينطق بها صراحة في حكمه، ولا تطبق بقوة القانون، هي العقوبة:
(أ) الأصلية فقط. (ب) التبعية. (ج) التكميلية. (د) الأصلية والتكميلية.
الإجابة: (د) الأصلية والتكميلية. (فالأصلية يجب النطق بها، والتكميلية يجب النطق بها، أما التبعية فلا تحتاج لنطق).
أنواع العقوبات (حسب جسامة الجريمة)
هذا هو التقسيم الأكثر شيوعاً، حيث ترتبط العقوبة بنوع الجريمة (جناية، جنحة، مخالفة).
رابعاً: بالنظر إلى جسامة الجريمة
تنقسم الجرائم إلى ثلاث طوائف: الجنايات (الأخطر)، ثم الجنح (متوسطة الخطورة)، ثم المخالفات (الأقل خطورة). وبناءً على هذا التقسيم، تنقسم العقوبات إلى ثلاثة أنواع:
-
عقوبات الجنايات:
وهي أشد العقوبات. على أساسها، فإن عقوبات الجنايات هي: الإعدام، والسجن المؤبد، والسجن المشدد، والسجن. (تطبق على جرائم خطيرة مثل القتل، التزوير في محررات رسمية، السرقة بالإكراه، الحريق العمد).
-
عقوبات الجنح:
وهي العقوبات المقررة للجرائم الأقل خطورة من الجنايات. عقوباتها هي: الحبس، والغرامة التي يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه (المادة ١١ عقوبات). (تطبق على جرائم مثل السرقات البسيطة، النصب، خيانة الأمانة، والقذف والسب).
-
عقوبات المخالفات:
وهي العقوبات المقررة للجرائم الأقل خطورة. عقوبتها هي: الغرامة التي لا يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه (المادة ١٢ عقوبات).
اختر - جريمة "النصب" و "خيانة الأمانة" تُصنف قانوناً على أنها:
(أ) جناية. (ب) جنحة. (ج) مخالفة. (د) لا تعتبر جريمة.
الإجابة: (ب) جنحة.