شرح التدخل الأجنبي في شؤون مصر في عصر الخديوي اسماعيل - تاريخ 3 ثانوي
التدخل الأجنبي في شؤون مصر في عصر الخديوي اسماعيل
يبدأ هذا الفصل بذور الأزمة الكبرى التي ستنتهي باحتلال مصر. دخلت مصر في عهد الخديوي إسماعيل في دوامة من الأزمات المالية والسياسية، والتي تزامنت مع أطماع الدول الأوروبية الاستعمارية.
لم تكن الديون هي السبب الحقيقي والوحيد للتدخل، بل كانت "الستار" الذي أخفت خلفه القوى الأوروبية (إنجلترا وفرنسا) أهدافها الحقيقية. هذه الأهداف تمثلت في السيطرة على "قناة السويس" الاستراتيجية، وإيقاف مشروع إسماعيل التوسعي في شرق أفريقيا، والذي هدد نفوذهم الاستعماري في القارة.
أسباب الأزمة المالية والتدخل الأجنبي
بدأت الأزمة المالية والسياسية في عهد إسماعيل، وتصاعدت بشكل خطير.
الأسباب الظاهرية (الديون)
كان السبب المعلن هو الديون التي استدانتها الحكومة المصرية للصرف على:
- استصدار الفرمانات السلطانية اللازمة لتحقيق قدر من الاستقلال الذاتي عن الدولة العثمانية.
- مشروع قناة السويس وحفل افتتاحها الأسطوري.
- إدخال مظاهر الحضارة الأوروبية الحديثة (المباني، القصور، الجسور).
- التوسع العسكري في شرق أفريقيا (حرب الحبشة).
الأسباب الحقيقية (الاستعمار)
لم تكن الديون هي السبب الحقيقي الوحيد. فالدول الأوروبية لم تتدخل في البداية، بل انتظرت حتى عام ١٨٧٥، وهو نفس العام الذي شهد توسع إسماعيل في الحبشة. الأسباب الحقيقية كانت:
- قناة السويس: أهميتها الاستراتيجية كطريق تجاري وعسكري عالمي.
- توسع مصر جنوباً: خوف أوروبا من بروز "محمد علي آخر" يهدد نفوذهم ومصالحهم في شرق أفريقيا.
وهكذا، اتخذت الدول الأوروبية من الديون (السبب الظاهري) ذريعة للبحث عن كيفية سدادها (السبب الخفي) لتحقيق أطماعها الاستعمارية.
اختر - ارتبط بدء التدخل الأجنبي في شؤون مصر في عهد إسماعيل بـ:
(أ) توسيع نفوذ الدولة المصرية. (ب) استصدار الفرمانات السلطانية. (ج) دعم المشروعات الأوروبية. (د) إدخال مظاهر الحضارة الأوروبية.
الإجابة: (أ) توسيع نفوذ الدولة المصرية. (تحديداً التوسع في شرق أفريقيا عام ١٨٧٥).
مظاهر التدخل الأجنبي (المرحلة الأولى)
أمام ضغط الدائنين، اضطر الخديوي إسماعيل بنفسه لفتح الباب للتدخل الأجنبي، فبدأت سلسلة من الإجراءات التي سلبت مصر استقلالها المالي تدريجياً.
بعثة كيڤ (ديسمبر ١٨٧٥)
لمواجهة الأزمة، استقدم إسماعيل بعثة مالية من إنجلترا برئاسة "المستر كيڤ" للمعاونة في حل الأزمة.
خشيت فرنسا من انفراد إنجلترا بالأمر، فأرسلت هي الأخرى خبيراً مالياً (المسيو فييه)، مما يظهر التنافس الاستعماري المبكر بينهما على مصر.
صندوق الدين (مايو ١٨٧٦)
اقترح الجانب الفرنسي إنشاء "صندوق الدين". كان هذا الصندوق بمثابة "خزانة فرعية" داخل الخزانة المصرية، مهمته استلام المبالغ المخصصة للديون مباشرة من المصالح الحكومية.
تولى إدارة هذا الصندوق مندوبون أجانب تنتدبهم الدول الدائنة. وبإنشاء هذا الصندوق، أصبح التدخل الأجنبي "رسمياً" لأول مرة، حيث أصبحت هناك هيئة أوروبية داخل هيكل الدولة المصرية.
اختر - يعتبر صندوق الدين إدارة أجنبية داخل الدولة المصرية، ويرجع سبب إنشائه إلى:
(أ) تشكيل معظم أعضائه من الأجانب. (ب) تكوينه بناءً على اقتراح دول أوروبية. (ج) مشاركته بعض الاختصاصات للحكومة. (د) تعميق كافة مظاهر التدخل الأجنبي.
الإجابة: (ب) تكوينه بناءً على اقتراح دول أوروبية.
تصاعد التدخل (المجلس الأعلى والمراقبة الثنائية)
لم يتوقف الأمر عند صندوق الدين، بل تصاعد التدخل ليصبح إشرافاً مباشراً على مالية الدولة.
المجلس الأعلى للمالية (مايو ١٨٧٦)
أصدر إسماعيل مرسوماً بإنشاء "المجلس الأعلى للمالية"، والذي تكون من عشرة أعضاء، نصفهم من الأجانب.
المراقبة الثنائية (نوفمبر ١٨٧٦)
أُنشئت "المراقبة الثنائية" بمرسوم من الخديوي، وتضمنت تعيين مراقبين أحدهما إنجليزي (للإيرادات) والآخر فرنسي (للمصروفات).
لجنة التحقيق العليا (يناير ١٨٧٨)
عندما ساءت الأحوال المالية أكثر (على الرغم من وجود المراقبة الثنائية)، اتهم المراقبان الخديوي إسماعيل بأنه يعطل انتظام الشؤون المالية.
لذلك، اقترح المراقبان وأعضاء صندوق الدين تشكيل "لجنة تحقيق أوروبية" للتحقيق في أسباب العجز في أبواب الإيرادات.
في مارس ١٨٧٨، أصدر إسماعيل مرسوماً "كارثياً" بتعميم اختصاصات اللجنة، ليشمل "جميع" إيرادات ومصروفات الحكومة، وإلزام الوزراء والموظفين بإعطاء اللجنة "جميع" البيانات المطلوبة. كانت هذه اللجنة بداية تجريد إسماعيل من سلطاته.
تولية الخديوي توفيق والأزمة السياسية مع شريف باشا
في أغسطس ١٨٧٩، تم عزل إسماعيل وتولية ابنه "توفيق"، الذي كان أداة طيعة في يد الأجانب.
فرمان أغسطس ١٨٧٩ (تقييد المزايا الخديوية)
فور تولية توفيق، أصدر السلطان العثماني فرماناً يسحب به المزايا الاستقلالية التي كان إسماعيل قد حصل عليها (مقابل أموال طائلة).
نص الفرمان على:
- وجوب إبلاغ الباب العالي (السلطان) بنصوص المعاهدات التي تنوي مصر توقيعها.
- تحديد عدد الجيش مرة أخرى وقت السلم بـ ١٨ ألف جندي.
- حظر عقد قروض جديدة إلا بهدف تسوية الديون القائمة وبموافقة الدائنين.
موقف إنجلترا وفرنسا من الفرمان
لم ترحب إنجلترا وفرنسا بهذا الفرمان، لأنه يقلل من نفوذهما على الخديوي. لقد أرادوا سحب الامتيازات من إسماعيل، لكنهم لم يريدوا أن يعود نفوذ السلطان قوياً في مصر، حتى لا تتعطل مشاريعهم الاستعمارية.
وزارة شريف باشا (الصدام مع الدستور)
كان شريف باشا (رئيس الوزراء) يتمسك بالدستور وتشكيل مجلس نواب، وكان يرى أن مناقشة الأمور المالية بمعرفة السلطة التشريعية (البرلمان) هي الطريق للإصلاح.
عارضت إنجلترا وفرنسا هذا التوجه بشدة، لأن وجود حياة نيابية حقيقية سيعطل مصالحهما في السيطرة على ميزانية مصر.
التقطت مصالح القنصلين (الإنجليزي والفرنسي) مع ميول الخديوي توفيق الاستبدادية، فقام توفيق بالتخلص من وزارة شريف باشا في سبتمبر ١٨٧٩.
اختر - وقفت وزارة شريف باشا عام ١٨٧٩ حجر عثرة أمام أطماع إنجلترا وفرنسا بسبب:
(أ) إصلاحاتها الاقتصادية والاجتماعية. (ب) تمسكها بالدستور والمناقشة المالية. (ج) فرضها قيود على لجنة التحقيق. (د) إعاقتها لقيادات الإدارة الأجنبية.
الإجابة: (ب) تمسكها بالدستور والمناقشة المالية.
وزارة رياض باشا وعودة المراقبة الثنائية المدمرة
بعد تخلصه من شريف، عين توفيق "رياض باشا" رئيساً للوزراء، وكان رياض باشا من أنصار الحكم المطلق، ويخضع للنفوذ الأوروبي، ومعادياً للدستور.
إعادة المراقبة الثنائية (بصلاحيات معززة)
في عهد رياض باشا، تم الاتفاق بين القنصلين الإنجليزي والفرنسي على مشروع لإعادة تنظيم المراقبة الثنائية، ولكن هذه المرة بصلاحيات أقوى بكثير:
- أصبح نفوذ المراقبين أعلى من نفوذ وزراء الدولة، وأصبح رأيهما "نافذ المفعول" (ملزماً).
- أصبح لهما الحق في حضور جلسات مجلس الوزراء.
- أصبح لهما الحق في الاطلاع على بيانات الإيرادات والمصروفات.
سياسات رياض باشا المالية (بيع أملاك مصر)
أدت عودة المراقبة الثنائية وسيطرتها الكاملة إلى سياسات كارثية:
- بيع حصة مصر من أرباح قناة السويس: قامت الحكومة ببيع حصة مصر من أرباح القناة (١٥٪) لاتحاد الماليين بباريس في يناير ١٨٨٠، لسداد الديون. (وكان إسماعيل قد باع "أسهم" مصر في القناة نفسها من قبل).
- إلغاء قانون المقابلة: في يناير ١٨٨٠، تم إلغاء "قانون المقابلة"، مما سمح للحكومة بجمع ضرائب كاملة من الفلاحين الذين كانوا قد دفعوا ستة أمثال الضريبة مقدماً. كان هذا القرار سبباً رئيسياً في تذمر وغضب طبقة الأعيان وملاك الأراضي.
لجنة التصفية وقانون التصفية (السيطرة الكاملة)
كتتويج لهذه السيطرة المالية، تم تشكيل "لجنة دولية" (لجنة التصفية) في مارس ١٨٨٠ من الدول الدائنة الرئيسية (فرنسا، إنجلترا، ألمانيا، النمسا، إيطاليا).
مهمة لجنة التصفية
كانت مهمة اللجنة هي:
- بحث الحالة المالية في مصر.
- تحديد علاقات كل من الحكومة، والدائرة السنية (أملاك إسماعيل الشخصية)، وأملاك الدومين (أملاك أسرة محمد علي) بالدائنين.
- تحديد طريقة تصفية الديون السائرة (غير المسددة).
إصدار "قانون التصفية" (يوليو ١٨٨٠)
أصدرت اللجنة "قانون التصفية"، الذي أصبح أساس النظام المالي في مصر حتى عام ١٩٠٤.
أهم قراراته:
- تحديد نفقات الحكومة السنوية بأقل من نصف الإيرادات، وتخصيص الباقي لحساب الدين العام.
- وضع أملاك الدائرة السنية والدومين تحت إدارة دولية لضمان سداد الديون.
كان هذا القانون هو المسمار الأخير في نعش استقلال مصر المالي، وأدى إلى حرمان المصريين من ثمرة جهدهم، وكان أحد أهم أسباب اشتعال الثورة العرابية.
اختر - تمت السيطرة الكاملة للأجانب على إدارة الشؤون المالية لمصر في عهد الخديوي توفيق نتيجة:
(أ) العمل بنظام المراقبة الثنائية. (ب) إلغاء قانون المقابلة. (ج) خسارة مصر أسهم وأرباح القناة. (د) إصدار قانون التصفية يوليو ١٨٨٠م.
الإجابة: (د) إصدار قانون التصفية يوليو ١٨٨٠م. (لأنه حدد نسبة النفقات بأقل من النصف ووضع الأملاك تحت إدارة دولية).