قضايا قانونية

قضايا جنائية

جرائم السرقة والاحتيال والاعتداء الجنائي

... ...

قضايا الشركات

نقاشات حول نزاعات وعقود الشركات

... ...

قضايا مدنية

نزاعات العقود والملكية والتعويضات المالية

... ...

قضايا أحوال شخصية

نقاشات حول الزواج والطلاق والميراث

... ...

قضايا جرائم الإنترنت

الاحتيال عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي

... ...

قضايا الرأي العام

القضايا الشائعه في المجتمع المصري

... ...

قضايا النصب والاحتيال

خداع مالي ونصب احتيالي متكرر

... ...

قضايا دستورية

حقوق المواطنين وقوانين الدولة الأساسية

... ...

موصى به لك

    استشارات قانونية بارزة

      شرح أحوال مصر تحت الاحتلال البريطاني | تاريخ 3 ثانوي

      أحوال مصر تحت الاحتلال البريطاني

      بعد فشل الثورة العرابية، دخلت مصر عام ١٨٨٢ مرحلة "الاحتلال البريطاني". في هذا الدرس، سنتعرف على الأحوال السياسية والاقتصادية والتعليمية التي فرضتها سلطات الاحتلال لخدمة مصالحها.

      فقدت مصر استقلالها تماماً، وتم حل الجيش المصري، وبدأ عهد جديد من السيطرة الأجنبية بقيادة "المعتمد البريطاني" الذي أصبح الحاكم الفعلي للبلاد، بينما تحول الخديوي إلى مجرد واجهة صورية.

      الأحوال السياسية (سياسة النجلزة)

      بمجرد نجاح الاحتلال، قامت إنجلترا بإعادة هيكلة النظام السياسي في مصر بالكامل. تم حل الجيش المصري الذي كان نواة الثورة العرابية، وتم تشكيل جيش جديد قليل العدد تحت إشراف إنجليزي كامل.

      القانون الأساسي (١٨٨٣)

      وضع "اللورد دافرين"، سفير إنجلترا في الأستانة (عاصمة الدولة العثمانية)، خطوط الإدارة الإنجليزية لمصر، والتي عُرفت باسم "القانون الأساسي لعام ١٨٨٣". كان الهدف هو تثبيت سيطرة إنجلترا مع تهدئة الأوضاع الدولية.

      قامت أفكار هذا القانون على ما يلي:

      • ألا تتولى إنجلترا حكم مصر مباشرة، بل تبقى السلطة في يد الخديوي ووزرائه تحت إشراف الإنجليز. (سلطة صورية وسلطة فعلية).
      • استمرار تبعية مصر للدولة العثمانية، منعاً لإثارة غضب السلطان.
      • العمل على طبع الإدارة المصرية بالطابع الإنجليزي (سياسة النجلزة)، أي إحلال الموظفين الإنجليز في كل المناصب العليا.
      • إلغاء بعض الإدارات ذات الصبغة الدولية، وعلى رأسها "المراقبة الثنائية" (الفرنسية والإنجليزية)، وهو ما أغضب فرنسا بشدة، وظل العداء قائماً بينهما حتى تم عقد "الوفاق الودي" عام ١٩٠٤.
      • إلغاء مجلس النواب (الذي كان سبب الثورة)، وإنشاء مجالس صورية مثل "مجلس شورى القوانين" و "الجمعية العمومية" و "مجالس المديريات" التي تضم الأعيان بصفة أساسية.

      اللورد كرومر (المعتمد البريطاني)

      تم تعيين "السير إيفلن بارنج" (الذي عُرف لاحقاً باللورد كرومر) كأول معتمد بريطاني في مصر في سبتمبر ١٨٨٣.

      كان كرومر هو الحاكم الفعلي لمصر، وظل في منصبه حتى عام ١٩٠٧، وطبق سياسات القانون الأساسي بكل حذافيرها لخدمة المصالح البريطانية.

      اختر - استهدف الاحتلال البريطاني من إصدار القانون الأساسي عام ١٨٨٣:
      (أ) إلغاء الإدارة المالية بصفة نهائية. (ب) إرضاء السلطة الصورية بالحكم. (ج) ضمان سيطرة إنجلترا على مصر. (د) إلغاء الاتفاقيات ذات الطابع الدولي في مصر.

      الإجابة: (ج) ضمان سيطرة إنجلترا على مصر.

      الأحوال الاقتصادية: الزراعة (خدمة المصانع الإنجليزية)

      كانت السياسة الاقتصادية للاحتلال واضحة: تحويل مصر إلى "مزرعة قطن" لخدمة المصانع البريطانية في لانكشاير.

      مظاهر اهتمام إنجلترا بالزراعة

      اهتم الاحتلال بالزراعة اهتماماً بالغاً لضمان توفير المواد الخام (القطن) للسوق البريطانية، ولذلك قاموا بـ:

      • تحسين نظم الري والصرف، وإصلاح القناطر الخيرية.
      • إقامة قناطر جديدة على النيل (مثل قناطر أسيوط، وإسنا، وزفتى).
      • إنشاء خزان أسوان.

      نتائج هذا الاهتمام

      أدت هذه السياسات إلى زيادة المساحة المزروعة وزيادة الإنتاج الزراعي، ولكنها أدت أيضاً إلى نتائج سلبية خطيرة على الاقتصاد المصري:

      • زيادة زراعة المحاصيل الصيفية (خاصة القطن) على حساب المحاصيل الشتوية (خاصة الحبوب الغذائية).
      • أدى هذا إلى عجز مصر عن سد حاجة الاستهلاك المحلي من المواد الغذائية.
      • تعرض مصر لخطر الاعتماد على محصول واحد (هو القطن)، وأصبحت تحت رحمة تقلبات أسعاره عالمياً.

      اختر - سارت السياسة الزراعية الإنجليزية على خُطى سياسة محمد علي في:
      (أ) تحقيق الأمن الغذائي. (ب) دعم الصناعة المصرية. (ج) الاهتمام بمشروعات الري. (د) الاهتمام بالتعليم الزراعي.

      الإجابة: (ج) الاهتمام بمشروعات الري. (كلاهما اهتم بالقناطر والترع).

      الأحوال الاقتصادية: ظاهرة البيوع الجبرية ودور الأعيان

      مع سيطرة زراعة القطن، دخلت الاستثمارات الأجنبية بقوة في مجال الزراعة، فتم إنشاء البنوك وشركات التسليف الأجنبية.

      ظاهرة البيوع الجبرية (الوفائية)

      بدأت البنوك الأجنبية في إغراء الفلاحين وصغار الملاك بالاقتراض بفوائد مركبة.

      وعندما كان الفلاحون يعجزون عن السداد في الموعد المحدد، كانت هذه البنوك والمرابين الأجانب يقومون بالاستيلاء على أراضيهم وفاءً للديون. عُرفت هذه الظاهرة بـ "البيوع الجبرية" أو "الوفائية"، وأدت إلى تشريد آلاف الفلاحين وانتقال ملكية الأرض من المصريين للأجانب.

      تعاظم دور ملاك الأراضي (الأعيان)

      في المقابل، استفادت طبقة "الأعيان" (كبار ملاك الأراضي) من سياسات الاحتلال الزراعية. اعتمدت إنجلترا عليهم كقوة اجتماعية، وتعاظم دورهم السياسي:

      • شكلوا "مجالس المديريات" وأصبحوا أعضاء في المجالس النيابية الصورية.
      • استقرت في أيديهم وظيفة "العمدة" أو "شيخ البلد"، حيث نص "قانون العمد" (١٨٩٦) على أن المرشح لهذا المنصب يجب أن يمتلك ١٠ أفدنة على الأقل.

      اختر - أدى إصدار القوانين الإدارية الخاصة بالسلطة المحلية في مصر (قانون العمد) إلى:
      (أ) تمكين طبقة الأعيان. (ب) خلق مشكلة اجتماعية. (ج) اختيار العناصر الموالية. (د) تميز الهيئات التشريعية.

      الإجابة: (أ) تمكين طبقة الأعيان.

      الأحوال الاقتصادية: تدهور الصناعة المصرية

      كانت الصناعة المصرية قد تدهورت منذ سقوط نظام الاحتكار، وجاء الاحتلال ليقضي على ما تبقى منها، لفتح السوق المصرية أمام المنتجات الإنجليزية.

      إجراءات إنجلترا لتدمير الصناعة

      اتخذت الحكومة المصرية (بتوجيه إنجليزي) عدة إجراءات "غير متكافئة" دمرت الصناعة المحلية:

      • فرض ضريبة مقدارها ٨٪ على جميع المنسوجات القطنية، مما أدى إلى كساد صناعة غزل ونسج القطن.
      • فرض ضريبة استهلاك على السكر المحلي، فارتفع سعره وتساوى مع سعر السكر المستورد.
      • جعل سعر الضريبة على الآلات المستوردة للصناعة مساوياً لسعر الضريبة على السلع الأجنبية، فارتفعت تكلفة الصناعة الوطنية.
      • فرض رسوم ١.٢٥٪ على المصنوعات المصرية المصدرة للخارج، فلم تجد مشترياً في الخارج.
      • إهمال التعليم الصناعي تماماً، ولم تُنشأ إدارة للتعليم الفني إلا عام ١٩٠٧.

      نتائج تدهور الصناعة

      كانت النتائج كارثية:

      • أغلقت الحكومة المصرية مصانعها (خاصة مصانع المدافع والذخيرة) واعتمدت في تمويل الجيش على الشراء من إنجلترا.
      • تدهورت الصناعات الحرفية الصغيرة، وتم إلغاء نظام "طوائف الحرف" عام ١٨٩١، فأصبح العمال بلا حماية.
      • انتشرت البضائع المستوردة في الأسواق، حتى أن "اللورد كرومر" افتخر في تقريره السنوي عام ١٩٠٥ قائلاً: "إن المنسوجات الأوروبية حلت محل المنسوجات الأهلية، وإن الدكاكين المحلية أصبحت تبيع كل ما هو أوروبي الإنتاج".

      اختر - لوحظ وضع تسويق المنتجات المحلية داخل مصر في ظل الاحتلال البريطاني إلى فرض:
      (أ) المعاهدات الزراعية. (ب) المنتجات المستوردة. (ج) إملاءات الإنتاج. (د) المحلومات الصغيرة.

      الإجابة: (ب) المنتجات المستوردة. (بسبب الضرائب على المنتج المحلي).

      الأحوال الاقتصادية: التجارة والبنك الأهلي

      مع تدهور الصناعة، ارتفع شأن "الوكالات التجارية الأجنبية" التي سيطرت على السوق، بينما اكتفت الحكومة بمراقبة الأمن العام.

      الاستثمار الأجنبي

      أحجم ملاك الأراضي الزراعية (المصريون) عن استثمار أموالهم في الصناعة، مفضلين استثمارها في استصلاح الأراضي والزراعة الأكثر ربحاً.

      كذلك، أحجم الأجانب عن استثمار أموالهم في الصناعة، مفضلين تسليف الحكومة وشراء الأراضي والعقارات (الرهونات).

      البنك الأهلي المصري (١٨٩٨)

      كان إنشاء "البنك الأهلي" في يونيو ١٨٩٨ من أخطر المشروعات الاستثمارية، لأنه كان بنكاً إنجليزياً احتكر إصدار الأوراق المالية (البنكنوت) المصرية.

      وكانت أخطر نتائجه هي "ربط العملة المصرية بالعملة الإنجليزية (الجنيه الإسترليني)"، فكان أي اهتزاز في قيمة العملة الإنجليزية يؤثر مباشرة وبشكل مدمر على قيمة العملة المصرية.

      اختر - أضر البنك الأهلي بالاقتصاد المصري أثناء الاحتلال الإنجليزي نتيجة:
      (أ) إبان قيامه كخزانة مالية للحكومة. (ب) ضعف رقابة الحكومة على الأسواق الداخلية. (ج) إتقان شأن الوكالات التجارية الأجنبية. (د) فقدان مصر استقلالها المالي.

      الإجابة: (د) فقدان مصر استقلالها المالي. (بسبب ربط العملة).

      الأحوال التعليمية (سياسة دانلوب)

      لم يسلم التعليم من سياسة الاحتلال التدميرية، حيث اعتبرته إنجلترا مضيعة للأموال وسبباً لإزعاج السلطات (كما حدث في الثورة العرابية).

      سياسة الاحتلال في التعليم

      قامت سياسة الاحتلال التعليمية، التي وضعها المستشار التعليمي "دانلوب"، على الأسس التالية:

      • البخل في الإنفاق: شن (بخل) الاحتلال على التعليم بالأموال، فلم يخصص له ميزانيات كافية.
      • جعله بمصروفات عالية: بعد أن كان مجانياً، جعله الاحتلال بمصروفات باهظة، فحصره في فئة قليلة من الأغنياء.
      • إخضاعه لقواعد صارمة: وضع "دانلوب" مجموعة من القواعد والنظم التي أماتت روح الابتكار والإبداع لدى الطلاب.
      • تنشئة جيل خاضع: كان الهدف الأساسي للتعليم هو مجرد "تخريج موظفين للدولة" ينفذون الأوامر، وتنشئة أفراد على الخضوع والاستسلام للاحتلال.

      اختر - أدى توجه التعليم في مصر أثناء الاحتلال البريطاني بشكل أساسي إلى خدمة الجانب:
      (أ) الاقتصادي. (ب) الإداري. (ج) الثقافي. (د) الاجتماعي.

      الإجابة: (ب) الإداري. (لتخريج موظفين للدولة).

      شرح درس الحركة الوطنية والثورة العرابية | تاريخ 3 ثانوي

      الحركة الوطنية والثورة العرابية

      يتناول هذا الدرس فترة من أخطر الفترات في تاريخ مصر، والتي تبدأ من تولي الخديوي توفيق الحكم، مروراً بتفاقم الأزمة المالية والتدخل الأجنبي السافر، وهو ما أدى إلى اشتعال "الثورة العرابية".

      سنتتبع في هذا الشرح عوامل قيام الثورة، ومظاهر الحركة الوطنية التي سبقتها، ثم الأحداث المتسارعة للثورة العرابية نفسها، بدءاً من حادثة قصر النيل، ومطالب الضباط، ومظاهرة عابدين الكبرى، وصولاً إلى التدخل الأجنبي العسكري الذي انتهى بالاحتلال البريطاني لمصر.

      عوامل قيام الثورة العرابية (السياسية والاقتصادية)

      كان المناخ العام في مصر مهيأً للثورة، وقد ساهمت عدة عوامل سياسية واقتصادية في إشعالها، حيث حمل المصريون لواء المعارضة.

      العوامل السياسية

      تمثلت العوامل السياسية في زيادة التدخل الأجنبي في شؤون مصر، والذي بدأ مع الديون في عهد إسماعيل وتفاقم في عهد توفيق.

      كما أدى خضوع الخديوي توفيق التام للأجانب، وحكمه المطلق المستبد، ورفضه لإقامة حياة نيابية، إلى جانب سياسات "رياض باشا" رئيس الوزراء (الذي كان يضطهد الوطنيين ويعطل الصحف) إلى حالة من الغليان الشعبي وتذمر الأعيان والمثقفين.

      العوامل الاقتصادية

      كان الوضع الاقتصادي متردياً بسبب "قانون التصفية" (يوليو ١٨٨٠)، الذي خصص أكثر من نصف موارد الميزانية لسداد الديون، وحرم الأهالي من ثمرة جهودهم.

      ومما زاد الطين بلة، كان "إلغاء قانون المقابلة" عام ١٨٨٠. هذا القانون كان يسمح للفلاحين بامتلاك الأرض ملكية قانونية مقابل دفع ستة أمثال الضريبة مقدماً. وعندما أُلغي القانون، غضب الأعيان وكبار ملاك الأراضي الزراعية (الذين استدانوا لدفع هذه المبالغ) وأصبحوا من أشد المؤيدين للثورة.

      العوامل العسكرية المباشرة للثورة

      رغم الغليان الشعبي، إلا أن العسكريين كانوا هم "الفتيل" الذي أشعل الثورة. كانوا الأكثر تنظيماً وقدرة على التغيير، ولأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري، فقد تأثروا بالمناخ العام، بالإضافة إلى معاناتهم داخل الجيش.

      أسباب تذمر ضباط الجيش

      • سوء معاملة الأتراك والشراكسة: عانى الضباط المصريون من تعسف القيادات التركية والشركسية، خاصة وزير الحربية "عثمان رفقي"، الذي حرمهم من الترقية والرتب العالية.
      • تدهور الأوضاع الاقتصادية: إحالة كثير من الضباط للتقاعد (التوفير) دون تدبير وظائف مدنية لهم، بالإضافة إلى قصر الترقية العسكرية على خريجي المدارس الحربية، مما أضر بالضباط المصريين الذين ترقوا من صفوف الجنود.
      • السبب المباشر (نقل عبد العال حلمي): كان "نقل" الأميرالاي "عبد العال حلمي" (قائد آلاي طرة) إلى ديوان الحربية وتعيين أحد الشراكسة مكانه، بمثابة "الشرارة" التي فجرت غضب الضباط، حيث اعتبروها تنزيلاً متعمداً لرتبته.

      الحركة الوطنية (المدنية) قبل الثورة

      قبل تحرك الجيش، ظهرت عدة مظاهر للمعارضة المدنية ضد سياسات الخديوي توفيق ورياض باشا، تمثلت في جمعيات سرية وعلنية.

      جمعية حلوان (عُرفت باسم "الحزب الوطني")

      تألفت هذه الجمعية من الأعيان والمثقفين الناقمين على سياسة رياض باشا، ونشرت أول بيان سياسي لها في نوفمبر ١٨٧٩م.

      وعندما زاد تغلغل النفوذ الأوروبي، طالبت الجمعية في منتصف ١٨٨١م بمطالب جريئة:

      • إعادة جميع أملاك الخديوي (الدائرة السنية) وأملاك أسرته (الدومين) إلى الحكومة المصرية.
      • إلغاء النص المخصص لإيرادات السكك الحديدية لحساب الديون.
      • توحيد جميع الديون في دين واحد بفائدة ٤٪ فقط.
      • تكوين إدارة مراقبة وطنية خاصة بدلاً من المراقبة الثنائية الأجنبية.

      حاول رياض باشا معرفة أفراد هذه الجمعية لنفيهم إلى السودان، ولكنه لم يستطع.

      جمعية مصر الفتاة

      تأسست هذه الجمعية في الإسكندرية، وأصدرت جريدة تحمل اسمها، وطالبت الخديوي بإطلاق الحريات العامة.

      الشرارة الأولى: حادثة قصر النيل (يناير - فبراير ١٨٨١)

      بدأت أحداث الثورة العرابية الفعلية باجتماع الضباط المصريين في منزل "أحمد عرابي" في يناير ١٨٨١، لمناقشة وضعهم داخل الجيش، وانتهوا بكتابة عريضة تطالب رئيس الوزراء "رياض باشا" بعزل وزير الحربية التركي "عثمان رفقي" وتعيين وزير مصري مكانه.

      حادثة قصر النيل (مظاهرة عابدين الأولى)

      رفضت الحكومة مطالب الضباط، وأصدر الخديوي توفيق أوامر باعتقال "أحمد عرابي" وزميليه (علي فهمي وعبد العال حلمي) وتقديمهم للمحاكمة العسكرية.

      أثناء المحاكمة في قصر النيل، هاجم زملاء الضباط (فرقهم العسكرية) قاعة المحكمة، مما أدى إلى هروب المجلس العسكري. خرج الضباط الثلاثة وتوجهوا جميعاً لمقابلة الخديوي توفيق في ميدان عابدين.

      نتائج الحادثة

      أمام هذا التمرد الواضح، اضطر الخديوي للاستجابة لمطالبهم:

      • قام بعزل "عثمان رفقي".
      • عيّن "محمود سامي البارودي" (أحد الضباط المصريين) وزيراً للحربية في فبراير ١٨٨١.

      شعر الضباط بقوتهم، وبدأوا في تقديم مطالب فئوية لتحسين أوضاعهم (صرف بدل نقدي، عدم خصم المرتبات، أن يدفع العسكريون نصف أجرة السكك الحديدية). وقد استجاب الخديوي لمعظم هذه المطالب.

      تصاعد قوة العرابيين (مطالب مايو وحادثة يوليو ١٨٨١)

      بعد نجاحهم في قصر النيل، شعر الضباط بالثقة وبدأوا في تقديم مطالب جديدة في مايو ١٨٨١.

      مطالب مايو ١٨٨١

      طالب الضباط بمطالب عسكرية وسياسية، تمثلت في:

      • زيادة عدد الجيش إلى ١٨ ألف جندي (حسب فرمان ١٨٤١ الذي أُهمل).
      • إنشاء حصون عسكرية جديدة.
      • المطلب الأخطر: تكوين "مجلس نواب" (برلمان) تكون الوزارة مسؤولة أمامه.

      أثبت هذا المطلب الأخير "توحد حركة الجيش مع الحركة المدنية" (مطالب الأعيان) ضد نظام الحكم.

      حادثة يوليو ١٨٨١ (حادثة قَصْر الصدمة)

      في يوليو ١٨٨١، صدمت عربة أحد الأوروبيين جندياً مصرياً في الإسكندرية وقتلته. حمل زملاء الجندي القتيل إلى سراي الخديوي (برأس التين)، وطالبوا بالقصاص من الجاني.

      رفض الخديوي هذه المطالب، وقرر معاقبة الجنود المتظاهرين بنفيهم إلى السودان. لكن وزير الحربية "البارودي" رفض التوقيع على القرار، فاستاء الخديوي وقدم البارودي استقالته.

      عيّن الخديوي صهره "داود باشا يكن" وزيراً للحربية، والذي بدأ في التضييق على الضباط ومنعهم من الاجتماعات.

      ذروة الثورة: مظاهرة عابدين الثانية (سبتمبر ١٨٨١)

      أدت سياسات الخديوي ووزيره "داود باشا" إلى اتفاق بين عرابي وزملائه على حشد الجيش لمواجهة الخديوي توفيق في ميدان عابدين في ٩ سبتمبر ١٨٨١، ورفع "مطالب الجيش والأمة".

      مطالب مظاهرة عابدين

      قدم عرابي للخديوي ثلاثة مطالب رئيسية:

      • عزل وزارة "رياض باشا" المستبدة.
      • تشكيل مجلس نواب على النسق الأوروبي.
      • زيادة عدد الجيش إلى ١٨ ألف جندي.

      وزارة شريف باشا (سبتمبر ١٨٨١)

      بناءً على نصيحة القنصلين (الإنجليزي والفرنسي) بامتصاص غضب الضباط، وافق الخديوي على المطالب، وقام بعزل رياض باشا، وتكليف "شريف باشا" بتأليف الوزارة.

      بدأ شريف باشا، وهو رجل مدني دستوري، في إجراء إصلاحات مناسبة للجيش، فقام بتعيين "محمود سامي البارودي" وزيراً للحربية، و"مصطفى فهمي" وزيراً للخارجية (بناءً على توصية عرابي).

      لكن شريف كان مرتاباً من ضغط العسكريين، فحاول إبعادهم عن القاهرة، فوافق عرابي على نقله هو وفرقته إلى "الشرقية"، ووافق عبد العال حلمي على نقله إلى "دمياط".

      بدأ شريف أيضاً في إعداد "مجلس النواب" (البرلمان)، الذي ضم الأعيان وخلا من التجار أو الصناع أو المتعلمين.

      التدخل الأجنبي (المذكرة المشتركة الأولى - يناير ١٨٨٢)

      أدى قيام نظام برلماني في مصر إلى إزعاج إنجلترا وفرنسا، لأنهما رأتا في هذا المجلس خطراً على مصالحهما (الديون وقناة السويس).

      المذكرة المشتركة الأولى (يناير ١٨٨٢)

      أرسلت إنجلترا وفرنسا مذكرة مشتركة للخديوي، تعبران فيها عن استيائهما من قيام نظام برلماني، وتعلنان صراحة أنهما ستتدخلان لحماية عرش الخديوي.

      النتائج:

      • احتج "شريف باشا" رسمياً على المذكرة.
      • استاء الضباط (العرابيون) من لهجة المذكرة، واعتقدوا أنها موجهة لهم.
      • فشلت إنجلترا وفرنسا في إقناع مجلس النواب برفض مناقشة الميزانية، حيث أصر النواب على حقهم في إقرار الميزانية (لأنها أمور تتعلق بالديون).

      استقالة شريف وتولي البارودي (وزارة الثورة)

      أمام إصرار الطرفين (النواب على مناقشة الميزانية، والأجانب على رفض ذلك)، قدم شريف باشا استقالته.

      وتألفت وزارة جديدة برئاسة "محمود سامي البارودي" وعُرفت بـ "وزارة العرابيين" أو "وزارة الثورة"، حيث عُين فيها "أحمد عرابي" وزيراً للحربية.

      قامت هذه الوزارة بإعلان الدستور (فبراير ١٨٨٢) وأقرّت حق مجلس النواب الكامل في مناقشة الميزانية.

      مؤامرة الشراكسة والمذكرة المشتركة الثانية (أبريل - مايو ١٨٨٢)

      أثناء تولي وزارة البارودي، دبر بعض الضباط "الشراكسة" (ذوي الأصول التركية) مؤامرة لاغتيال "أحمد عرابي" والضباط الوطنيين، بهدف الإطاحة بالوزارة وإعادة السيطرة على الجيش.

      نتائج المؤامرة

      تم اكتشاف المؤامرة، وأُجري التحقيق مع المتآمرين. صدر الحكم عليهم بـ "التجريد من الرتب العسكرية والنياشين" و "النفى المؤبد إلى السودان".

      لكن الخديوي توفيق، بتحريض من القنصلين (الإنجليزي والفرنسي)، رفض التصديق على الحكم، مما زاد من حدة التوتر بينه وبين وزارة البارودي.

      المذكرة المشتركة الثانية (مايو ١٨٨٢)

      انتهزت إنجلترا وفرنسا الفرصة وأرسلتا قطعاً من أسطولهما إلى الإسكندرية بحجة حماية رعاياهما، وقدمتا "المذكرة المشتركة الثانية".

      طالبت المذكرة بـ:

      • إقالة وزارة البارودي.
      • نفي أحمد عرابي خارج مصر.

      رفضت الوزارة الاستقالة، وقدم البارودي استقالته احتجاجاً على قبول الخديوي للمذكرة. شكّل توفيق الوزارة بنفسه برئاسته (للمرة الثانية)، وعيّن عرابي وزيراً للحربية والبحرية (تحت ضغط الضباط).

      الطريق إلى الاحتلال (مذبحة الإسكندرية ومؤتمر الأستانة)

      أصبحت البلاد الآن بلا وزارة، وفي حالة فوضى، والخديوي في الإسكندرية تحت الحماية الأجنبية، والأسطول الإنجليزي والفرنسي في الميناء.

      مذبحة الإسكندرية (يونيه ١٨٨٢)

      وقعت حادثة مدبرة في الإسكندرية، حيث تشاجر رجل مالطي (من رعايا بريطانيا) مع مكاري (عربجي) مصري حول أجرة الركوب. تطورت المشاجرة وانتهت بطعن المالطي للمصري وقتله، فنشبت معارك متبادلة بين الأجانب والمصريين.

      كان يبدو واضحاً أن الحادث مدبر، حيث أن الجولة التي أخذها المالطي كانت كبيرة وبأجرة قليلة. أدت المذبحة إلى اضطراب الأمن، وتألفت وزارة جديدة برئاسة "راغب باشا".

      مؤتمر الأستانة (يونيه ١٨٨٢)

      أدركت فرنسا أن إنجلترا تنوي الانفراد باحتلال مصر، فدعت الدول الكبرى لعقد مؤتمر في "الأستانة" (عاصمة الدولة العثمانية) لبحث المسألة المصرية.

      أبرم المشاركون "ميثاق النزاهة"، وتعهدوا فيه بـ "ألا تنفرد إحداها بعمل تجاه المسألة المصرية ... دون أن تتمتع به كافة الدول".

      لكن المندوب البريطاني أضاف عبارة "إلا إذا حدث ما يؤدي إلى ذلك..." (إلا للضرورة القصوى)، وهي العبارة التي كشفت نوايا إنجلترا الاستعمارية، حيث كانت تخلق الذريعة لاحتلال مصر.

      الاحتلال البريطاني لمصر (يوليو ١٨٨٢)

      خلقت إنجلترا الذريعة التي أرادتها، فادعت أن الحكومة المصرية تقوم بتحصينات في الإسكندرية وتهدد بوارجها الراسية في الميناء.

      ضرب مدينة الإسكندرية (١١ يوليو ١٨٨٢)

      أعلنت إنجلترا الموقف الاضطراري، وقامت بضرب مدينة الإسكندرية.

      النتائج:

      • اضطرب الموقف وفُهزم الجيش المصري في الإسكندرية.
      • احتلت إنجلترا المدينة، وحاصرت قصر الخديوي (الذي كان في الإسكندرية).
      • انسحب عرابي بقواته إلى "كفر الدوار" لإقامة خط دفاع ثانٍ.
      • انسحب الأسطول الفرنسي من الشواطئ وترك إنجلترا وحدها.

      موقف الخديوي (الخيانة)

      انضم الخديوي توفيق إلى الإنجليز، وربط مصيره بمصيرهم.

      عندما طلب عرابي من الخديوي عدم التوقف عن الاستعدادات الحربية وأمره بالحضور إلى كفر الدوار، رفض الخديوي أوامر عرابي ووجه له تهمة الخيانة العظمى.

      قام الخديوي بإصدار منشور يُحذر فيه المصريين من الانضمام إلى عرابي، واعتبره "حامي حمى الديار المصرية"، واعتبر بقاءه في الإسكندرية تواطؤاً مع الإنجليز. وبذلك، فقد عرابي شرعيته في المقاومة.

      شرح التدخل الأجنبي في شؤون مصر في عصر الخديوي اسماعيل - تاريخ 3 ثانوي

      التدخل الأجنبي في شؤون مصر في عصر الخديوي اسماعيل

      يبدأ هذا الفصل بذور الأزمة الكبرى التي ستنتهي باحتلال مصر. دخلت مصر في عهد الخديوي إسماعيل في دوامة من الأزمات المالية والسياسية، والتي تزامنت مع أطماع الدول الأوروبية الاستعمارية.

      لم تكن الديون هي السبب الحقيقي والوحيد للتدخل، بل كانت "الستار" الذي أخفت خلفه القوى الأوروبية (إنجلترا وفرنسا) أهدافها الحقيقية. هذه الأهداف تمثلت في السيطرة على "قناة السويس" الاستراتيجية، وإيقاف مشروع إسماعيل التوسعي في شرق أفريقيا، والذي هدد نفوذهم الاستعماري في القارة.

      أسباب الأزمة المالية والتدخل الأجنبي

      بدأت الأزمة المالية والسياسية في عهد إسماعيل، وتصاعدت بشكل خطير.

      الأسباب الظاهرية (الديون)

      كان السبب المعلن هو الديون التي استدانتها الحكومة المصرية للصرف على:

      • استصدار الفرمانات السلطانية اللازمة لتحقيق قدر من الاستقلال الذاتي عن الدولة العثمانية.
      • مشروع قناة السويس وحفل افتتاحها الأسطوري.
      • إدخال مظاهر الحضارة الأوروبية الحديثة (المباني، القصور، الجسور).
      • التوسع العسكري في شرق أفريقيا (حرب الحبشة).

      الأسباب الحقيقية (الاستعمار)

      لم تكن الديون هي السبب الحقيقي الوحيد. فالدول الأوروبية لم تتدخل في البداية، بل انتظرت حتى عام ١٨٧٥، وهو نفس العام الذي شهد توسع إسماعيل في الحبشة. الأسباب الحقيقية كانت:

      • قناة السويس: أهميتها الاستراتيجية كطريق تجاري وعسكري عالمي.
      • توسع مصر جنوباً: خوف أوروبا من بروز "محمد علي آخر" يهدد نفوذهم ومصالحهم في شرق أفريقيا.

      وهكذا، اتخذت الدول الأوروبية من الديون (السبب الظاهري) ذريعة للبحث عن كيفية سدادها (السبب الخفي) لتحقيق أطماعها الاستعمارية.

      اختر - ارتبط بدء التدخل الأجنبي في شؤون مصر في عهد إسماعيل بـ:
      (أ) توسيع نفوذ الدولة المصرية. (ب) استصدار الفرمانات السلطانية. (ج) دعم المشروعات الأوروبية. (د) إدخال مظاهر الحضارة الأوروبية.

      الإجابة: (أ) توسيع نفوذ الدولة المصرية. (تحديداً التوسع في شرق أفريقيا عام ١٨٧٥).

      مظاهر التدخل الأجنبي (المرحلة الأولى)

      أمام ضغط الدائنين، اضطر الخديوي إسماعيل بنفسه لفتح الباب للتدخل الأجنبي، فبدأت سلسلة من الإجراءات التي سلبت مصر استقلالها المالي تدريجياً.

      بعثة كيڤ (ديسمبر ١٨٧٥)

      لمواجهة الأزمة، استقدم إسماعيل بعثة مالية من إنجلترا برئاسة "المستر كيڤ" للمعاونة في حل الأزمة.

      خشيت فرنسا من انفراد إنجلترا بالأمر، فأرسلت هي الأخرى خبيراً مالياً (المسيو فييه)، مما يظهر التنافس الاستعماري المبكر بينهما على مصر.

      صندوق الدين (مايو ١٨٧٦)

      اقترح الجانب الفرنسي إنشاء "صندوق الدين". كان هذا الصندوق بمثابة "خزانة فرعية" داخل الخزانة المصرية، مهمته استلام المبالغ المخصصة للديون مباشرة من المصالح الحكومية.

      تولى إدارة هذا الصندوق مندوبون أجانب تنتدبهم الدول الدائنة. وبإنشاء هذا الصندوق، أصبح التدخل الأجنبي "رسمياً" لأول مرة، حيث أصبحت هناك هيئة أوروبية داخل هيكل الدولة المصرية.

      اختر - يعتبر صندوق الدين إدارة أجنبية داخل الدولة المصرية، ويرجع سبب إنشائه إلى:
      (أ) تشكيل معظم أعضائه من الأجانب. (ب) تكوينه بناءً على اقتراح دول أوروبية. (ج) مشاركته بعض الاختصاصات للحكومة. (د) تعميق كافة مظاهر التدخل الأجنبي.

      الإجابة: (ب) تكوينه بناءً على اقتراح دول أوروبية.

      تصاعد التدخل (المجلس الأعلى والمراقبة الثنائية)

      لم يتوقف الأمر عند صندوق الدين، بل تصاعد التدخل ليصبح إشرافاً مباشراً على مالية الدولة.

      المجلس الأعلى للمالية (مايو ١٨٧٦)

      أصدر إسماعيل مرسوماً بإنشاء "المجلس الأعلى للمالية"، والذي تكون من عشرة أعضاء، نصفهم من الأجانب.

      المراقبة الثنائية (نوفمبر ١٨٧٦)

      أُنشئت "المراقبة الثنائية" بمرسوم من الخديوي، وتضمنت تعيين مراقبين أحدهما إنجليزي (للإيرادات) والآخر فرنسي (للمصروفات).

      لجنة التحقيق العليا (يناير ١٨٧٨)

      عندما ساءت الأحوال المالية أكثر (على الرغم من وجود المراقبة الثنائية)، اتهم المراقبان الخديوي إسماعيل بأنه يعطل انتظام الشؤون المالية.

      لذلك، اقترح المراقبان وأعضاء صندوق الدين تشكيل "لجنة تحقيق أوروبية" للتحقيق في أسباب العجز في أبواب الإيرادات.

      في مارس ١٨٧٨، أصدر إسماعيل مرسوماً "كارثياً" بتعميم اختصاصات اللجنة، ليشمل "جميع" إيرادات ومصروفات الحكومة، وإلزام الوزراء والموظفين بإعطاء اللجنة "جميع" البيانات المطلوبة. كانت هذه اللجنة بداية تجريد إسماعيل من سلطاته.

      تولية الخديوي توفيق والأزمة السياسية مع شريف باشا

      في أغسطس ١٨٧٩، تم عزل إسماعيل وتولية ابنه "توفيق"، الذي كان أداة طيعة في يد الأجانب.

      فرمان أغسطس ١٨٧٩ (تقييد المزايا الخديوية)

      فور تولية توفيق، أصدر السلطان العثماني فرماناً يسحب به المزايا الاستقلالية التي كان إسماعيل قد حصل عليها (مقابل أموال طائلة).

      نص الفرمان على:

      • وجوب إبلاغ الباب العالي (السلطان) بنصوص المعاهدات التي تنوي مصر توقيعها.
      • تحديد عدد الجيش مرة أخرى وقت السلم بـ ١٨ ألف جندي.
      • حظر عقد قروض جديدة إلا بهدف تسوية الديون القائمة وبموافقة الدائنين.

      موقف إنجلترا وفرنسا من الفرمان

      لم ترحب إنجلترا وفرنسا بهذا الفرمان، لأنه يقلل من نفوذهما على الخديوي. لقد أرادوا سحب الامتيازات من إسماعيل، لكنهم لم يريدوا أن يعود نفوذ السلطان قوياً في مصر، حتى لا تتعطل مشاريعهم الاستعمارية.

      وزارة شريف باشا (الصدام مع الدستور)

      كان شريف باشا (رئيس الوزراء) يتمسك بالدستور وتشكيل مجلس نواب، وكان يرى أن مناقشة الأمور المالية بمعرفة السلطة التشريعية (البرلمان) هي الطريق للإصلاح.

      عارضت إنجلترا وفرنسا هذا التوجه بشدة، لأن وجود حياة نيابية حقيقية سيعطل مصالحهما في السيطرة على ميزانية مصر.

      التقطت مصالح القنصلين (الإنجليزي والفرنسي) مع ميول الخديوي توفيق الاستبدادية، فقام توفيق بالتخلص من وزارة شريف باشا في سبتمبر ١٨٧٩.

      اختر - وقفت وزارة شريف باشا عام ١٨٧٩ حجر عثرة أمام أطماع إنجلترا وفرنسا بسبب:
      (أ) إصلاحاتها الاقتصادية والاجتماعية. (ب) تمسكها بالدستور والمناقشة المالية. (ج) فرضها قيود على لجنة التحقيق. (د) إعاقتها لقيادات الإدارة الأجنبية.

      الإجابة: (ب) تمسكها بالدستور والمناقشة المالية.

      وزارة رياض باشا وعودة المراقبة الثنائية المدمرة

      بعد تخلصه من شريف، عين توفيق "رياض باشا" رئيساً للوزراء، وكان رياض باشا من أنصار الحكم المطلق، ويخضع للنفوذ الأوروبي، ومعادياً للدستور.

      إعادة المراقبة الثنائية (بصلاحيات معززة)

      في عهد رياض باشا، تم الاتفاق بين القنصلين الإنجليزي والفرنسي على مشروع لإعادة تنظيم المراقبة الثنائية، ولكن هذه المرة بصلاحيات أقوى بكثير:

      • أصبح نفوذ المراقبين أعلى من نفوذ وزراء الدولة، وأصبح رأيهما "نافذ المفعول" (ملزماً).
      • أصبح لهما الحق في حضور جلسات مجلس الوزراء.
      • أصبح لهما الحق في الاطلاع على بيانات الإيرادات والمصروفات.

      سياسات رياض باشا المالية (بيع أملاك مصر)

      أدت عودة المراقبة الثنائية وسيطرتها الكاملة إلى سياسات كارثية:

      • بيع حصة مصر من أرباح قناة السويس: قامت الحكومة ببيع حصة مصر من أرباح القناة (١٥٪) لاتحاد الماليين بباريس في يناير ١٨٨٠، لسداد الديون. (وكان إسماعيل قد باع "أسهم" مصر في القناة نفسها من قبل).
      • إلغاء قانون المقابلة: في يناير ١٨٨٠، تم إلغاء "قانون المقابلة"، مما سمح للحكومة بجمع ضرائب كاملة من الفلاحين الذين كانوا قد دفعوا ستة أمثال الضريبة مقدماً. كان هذا القرار سبباً رئيسياً في تذمر وغضب طبقة الأعيان وملاك الأراضي.

      لجنة التصفية وقانون التصفية (السيطرة الكاملة)

      كتتويج لهذه السيطرة المالية، تم تشكيل "لجنة دولية" (لجنة التصفية) في مارس ١٨٨٠ من الدول الدائنة الرئيسية (فرنسا، إنجلترا، ألمانيا، النمسا، إيطاليا).

      مهمة لجنة التصفية

      كانت مهمة اللجنة هي:

      • بحث الحالة المالية في مصر.
      • تحديد علاقات كل من الحكومة، والدائرة السنية (أملاك إسماعيل الشخصية)، وأملاك الدومين (أملاك أسرة محمد علي) بالدائنين.
      • تحديد طريقة تصفية الديون السائرة (غير المسددة).

      إصدار "قانون التصفية" (يوليو ١٨٨٠)

      أصدرت اللجنة "قانون التصفية"، الذي أصبح أساس النظام المالي في مصر حتى عام ١٩٠٤.

      أهم قراراته:

      • تحديد نفقات الحكومة السنوية بأقل من نصف الإيرادات، وتخصيص الباقي لحساب الدين العام.
      • وضع أملاك الدائرة السنية والدومين تحت إدارة دولية لضمان سداد الديون.

      كان هذا القانون هو المسمار الأخير في نعش استقلال مصر المالي، وأدى إلى حرمان المصريين من ثمرة جهدهم، وكان أحد أهم أسباب اشتعال الثورة العرابية.

      اختر - تمت السيطرة الكاملة للأجانب على إدارة الشؤون المالية لمصر في عهد الخديوي توفيق نتيجة:
      (أ) العمل بنظام المراقبة الثنائية. (ب) إلغاء قانون المقابلة. (ج) خسارة مصر أسهم وأرباح القناة. (د) إصدار قانون التصفية يوليو ١٨٨٠م.

      الإجابة: (د) إصدار قانون التصفية يوليو ١٨٨٠م. (لأنه حدد نسبة النفقات بأقل من النصف ووضع الأملاك تحت إدارة دولية).

      درس إسماعيل ومشروع استقلال مصر - تاريخ 3 ثانوي

      الخديوي إسماعيل ومشروع استقلال مصر

      يُعد عهد الخديوي إسماعيل فترة انتقالية هامة في تاريخ مصر. فبعد أن أدت "تسوية لندن ١٨٤٠" وفرمانا ١٨٤١ إلى تقليص نفوذ محمد علي وانهيار نظام الاحتكار، فُتح الباب على مصراعيه لدخول الاستثمارات الأجنبية.

      في هذا المناخ الجديد، دخل إسماعيل في سلسلة من مشروعات التنمية التي أعادت إلى الأذهان مشروع جده محمد علي. ولكن، بدلاً من الاعتماد على الدولة فقط، اعتمد إسماعيل على الاقتراض الأجنبي. وفي نفس الوقت، وضع إسماعيل خطة طموحة لتحقيق الاستقلال التام لمصر عن الدولة العثمانية، وإنهاء القيود التي فُرضت عليها.

      خطة إسماعيل للاستقلال (ثمن الاستقلال)

      كانت أهداف إسماعيل واضحة: توسيع نطاق استقلاله في حكم البلاد، وكسب مزايا كثيرة من السلطان العثماني للوصول إلى الاستقلال التام، والتخلص من قيود معاهدة لندن ١٨٤٠ وفرماني ١٨٤١.

      وكان أحد أهم أهدافه هو "تغيير نظام وراثة العرش" ليصبح في أكبر أبنائه سناً (الوراثة المباشرة)، بدلاً من النظام العثماني الذي يقضي بأن يتولى العرش أكبر أفراد الأسرة العلوية سناً.

      الإجراءات التي اتبعها إسماعيل (التكلفة المالية)

      لتحقيق هذه الأهداف، اتبع إسماعيل خطة تعتمد على "المال" و"الهدايا"، وكانت كلها "على حساب الخزينة المصرية". كانت هذه الخطة هي البداية الحقيقية للأزمة المالية.

      • استضافة السلطان عبد العزيز: قام إسماعيل باستضافة السلطان العثماني عبد العزيز في مصر في أبريل ١٨٦٣. وقد صاحب هذه الزيارة مظاهر حفاوة بالغة، وإكراميات، وهدايا ضخمة، بلغت تكلفتها مبالغ طائلة، وشملت إهداء سفينة كاملة محملة بالهدايا.
      • رشوة الصدر الأعظم: دفع إسماعيل مبلغ ٦٠ ألف جنيه للصدر الأعظم العثماني (فؤاد باشا) ليبذل مساعيه الطيبة لدى السلطان لاستصدار الفرمانات اللازمة.
      • زيادة الجزية: انتهز السلطان حاجة إسماعيل للفرمانات، فرفع الجزية السنوية التي تدفعها مصر من ٤٠٠ ألف جنيه عثماني إلى ٧٥٠ ألف جنيه.

      لتمويل هذه النفقات الهائلة، اضطر إسماعيل إلى الاستدانة، حيث اقترض ٣ مليون جنيه، لتبدأ كرة الديون في التدحرج.

      اختر - تمثلت الغاية الأسمى للخديوي إسماعيل من استصدار الفرمانات السلطانية في:
      (أ) تغيير وضع مصر السياسي. (ب) اقتسام الحكم مع أكبر أبنائه. (ج) حرية عقد المعاهدات الاقتصادية. (د) نزع القيود عن القوة العسكرية المصرية.

      الإجابة: (أ) تغيير وضع مصر السياسي. (للوصول إلى الاستقلال التام).

      الفرمانات السلطانية (مكاسب الاستقلال)

      نجحت خطة إسماعيل، وبدأ في الحصول على سلسلة من الفرمانات التي حققت له مزايا استقلالية هامة، وإن كانت بتكلفة باهظة.

      فرمان مايو ١٨٦٦م

      يُعد هذا الفرمان هو البداية الحقيقية لتحقيق استقلال إسماعيل بحكم مصر.

      أهم نصوصه:

      • تغيير وراثة العرش: أصبح الحكم وراثياً في أكبر أبناء إسماعيل الذكور سناً (تغيير نظام الوراثة).
      • زيادة عدد الجيش: ارتفع العدد من ١٨ ألف جندي (حسب فرمان ١٨٤١) إلى ٣٠ ألف جندي.
      • حق ضرب النقود: حصلت مصر على حق ضرب النقود باسمها.
      • منح الرتب المدنية: حصل إسماعيل على حق منح الرتب المدنية حتى الرتبة الثانية.

      اختر - يعتبر فرمان مايو ١٨٦٦م البداية الحقيقية لمساعي الخديوي إسماعيل الاستقلالية لأنه تضمن الحق في:
      (أ) تطوير القوة العسكرية المصرية. (ب) تحقيق الاستقلال المالي التام لمصر. (ج) ضرب النقود باسم السلطان. (د) منح الرتب المدنية والسياسية.

      الإجابة: (أ) تطوير القوة العسكرية المصرية. (بزيادة عدد الجيش).

      فرمان يونيه ١٨٦٧م (لقب الخديوي)

      حصل إسماعيل بموجب هذا الفرمان على لقب "خديوي" بدلاً من لقب "والي"، وهو ما كان له آثار بعيدة المدى.

      هذا اللقب لم يكن مجرد لقب فخري، بل منحه حقوقاً استقلالية في إدارة شؤون البلاد الداخلية والمالية. كما منحه حق عقد المعاهدات الخاصة بالبريد، والجمارك، ومرور البضائع والركاب داخل البلاد، وشؤون ضبط الجاليات الأجنبية.

      اختر - ترتب على تغيير اللقب السياسي لإسماعيل عام ١٨٦٧م:
      (أ) تمتع إسماعيل بحق التمثيل الدبلوماسي. (ب) زيادة سلطة النظام الحاكم في مصر. (ج) تحكم إسماعيل في الشئون القضائية للأجانب. (د) حرية عقد معاهدات البريد والجمارك والاستدانة.

      الإجابة: (ب) زيادة سلطة النظام الحاكم في مصر. (بحصوله على الاستقلال في الشؤون الداخلية والمالية).

      فرمان سبتمبر ١٨٧٢م (حق الاستدانة)

      حصل إسماعيل بموجب هذا الفرمان على "حق الاستدانة من الخارج" دون الرجوع للسلطان العثماني. كان هذا الفرمان كارثياً وفتح الباب على مصراعيه للأزمة المالية.

      فرمان يونيه ١٨٧٣م (الفرمان الشامل)

      يُعد هذا الفرمان هو ذروة ما وصل إليه إسماعيل، حيث ثبّت لمصر حقوقها الكاملة في الاستقلال، فيما عدا أربعة قيود بسيطة:

      • عدم عقد المعاهدات السياسية (التمثيل الدبلوماسي).
      • عدم صناعة المدرعات الحربية.
      • استمرار دفع الجزية السنوية للسلطان.
      • (حق التمثيل الدبلوماسي، وهو مرتبط بالمعاهدات السياسية).

      اختر - كان الهدف من وجود بعض التحفظات في الفرمان الشامل يونيه ١٨٧٣م:
      (أ) حماية مصر من الاحتلال الأوروبي. (ب) ضمان حق السلطان في تعيين الحاكم. (ج) عدم استثارة مصر من الخارج. (د) الحفاظ على مصالح الدولة العثمانية.

      الإجابة: (د) الحفاظ على مصالح الدولة العثمانية. (بضمان الجزية والتبعية السياسية).

      مشروع إسماعيل التوسعي في شرق أفريقيا

      بالتوازي مع سعيه للاستقلال، عمل إسماعيل على بسط نفوذ مصر في الجنوب والجنوب الشرقي على ساحل البحر الأحمر. وضعته هذه التوسعات في مواجهة حتمية مع "الحبشة" (إثيوبيا) بعد أن حاصرها بتوسعاته.

      حرب الحبشة (١٨٧٥م) ونتائجها

      انتهت هذه المواجهة العسكرية بهزيمة كارثية للجيش المصري في الحبشة عام ١٨٧٥م.

      لم تكن الهزيمة عسكرية فقط، بل كانت أيضاً كارثة مالية، حيث كلفت خزينة مصر حوالي ٣ ملايين جنيه، في وقت كانت فيه الخزينة تعاني أصلاً من ضائقة ديون خانقة.

      موقف الدول الأوروبية من التوسعات

      وجدت الدول الأوروبية في توسعات إسماعيل مصدراً لخطر عليها، حيث كانت هي نفسها تخطط للتوسع في شرق أفريقيا.

      أعادت هذه التوسعات إلى أذهان الأوروبيين خطر "محمد علي" ومشروعه التوسعي.

      لم يكن من المصادفة أن عام ١٨٧٥ (عام الهزيمة في الحبشة) هو نفس العام الذي بدأت فيه الدول الأوروبية التدخل السافر في شؤون مصر، بحجة الديون، لوقف هذا التوسع وإجهاض مشروع إسماعيل.

      اختر - استهدف الخديوي إسماعيل من سياسته الخارجية في القارة الأفريقية:
      (أ) الظهور أمام الأوروبيين بمظهر الرجل المتحضر. (ب) منافسة الدول الأوروبية في الطريق الأفريقي. (ج) حماية البعد الاستراتيجي لمصر جنوباً. (د) إقامة نهضة عمرانية بوسط أفريقيا.

      الإجابة: (ج) حماية البعد الاستراتيجي لمصر جنوباً.

      دور مصر الحضاري في القرن الأفريقي

      على الرغم من الفشل العسكري في الحبشة، إلا أن وجود الإدارة المصرية في منطقة القرن الأفريقي كان له دور حضاري وتنموي بارز في تلك المناطق.

      في المجال الصحي

      عندما تسلمت الإدارة المصرية هذه المناطق، كانت تعاني من انتشار أمراض خطيرة مثل الكوليرا، والدوسنتاريا، والجدري. لذلك، قررت الإدارة المصرية إنشاء وحدات صحية في موانئ "سواكن" و "مصوع" لمكافحة هذه الأوبئة.

      في مجال المواصلات

      قامت الإدارة المصرية بإنشاء خطوط بريد لضمان ربط هذه المناطق بمصر. كما تم تنظيم خطوط ملاحة بحرية منتظمة، مثل خط (مصوع - سواكن - جدة) وخط (سواكن - السويس).

      في مجال تشييد المباني

      اهتمت الإدارة المصرية بالبنية التحتية، فقامت ببناء مساكن صحية للأهالي، وشيدت مستشفيات ومساجد وكنائس. كما عملت على مد مواسير المياه العذبة من العيون والآبار إلى المناطق السكنية.

      في المجال الاقتصادي (الزراعة والتجارة)

      في جانب الزراعة، حثت الإدارة المصرية الأهالي على زراعة الأراضي البور (المهملة) ووفرت لهم المياه اللازمة لذلك.

      وفي جانب التجارة، عملت الإدارة المصرية على توفير الأمن في الطرق، مما أدى إلى ازدهار التجارة في هذه المناطق بأمان.

      وفي جانب الصناعة، اصطحبت الإدارة بعض الشباب الصوماليين ليتعلموا من الحرفيين بالجيش المصري حرفتي "البرادة" (الحدادة)، كما تعلم الأهالي منهم صناعة الأقمشة.

      في المجال الاجتماعي

      اهتمت الإدارة المصرية بنشر السلام الاجتماعي بين الأهالي والقبائل، فقامت بتشكيل "مجالس صلح" للفصل في المنازعات.

      وفي بعض الأحيان، كانت الإدارة المصرية تتدخل لإنهاء النزاعات القبلية وتقوم بدفع "ديات القتلى" من خزينة الإدارة، لحقن الدماء ومنع الثأر.

      وفي الجانب الروحي، أرسلت الإدارة بعض علماء الأزهر الشريف لتثقيف الأهالي في الدين الإسلامي. كما أُنشئت بعض المدارس لتعليم الحساب والنحو والخط.

      اختر - شهد القرن الأفريقي استقراراً اجتماعياً خلال عهد الخديوي إسماعيل نتيجة:
      (أ) الارتباط بالسطوة العسكرية. (ب) إقامة مجالس نيابية. (ج) دور الأزهر الشريف. (د) إنشاء مجالس قبلية.

      الإجابة: (ج) دور الأزهر الشريف. (وأيضاً "مجالس الصلح" التي شكلتها الإدارة المصرية، والتي تندرج تحت الدور الاجتماعي والروحي).

      شرح درس أحوال مصر في عصر خلفاء محمد علي - تاريخ 3 ثانوي 2026

      أحوال مصر في عصر خلفاء محمد علي

      يتناول هذا الدرس الفترة التي تلت عهد محمد علي، والتي شهدت تطبيق "معاهدة لندن" وفرماني ١٨٤١. كان لهذه الاتفاقيات أثر مدمر على مشروع محمد علي، حيث أدت إلى انهيار "نظام الاحتكار" الذي كان يسيطر به على الاقتصاد المصري.

      سنتعرف بالتفصيل على الآثار العميقة التي ترتبت على سقوط هذا النظام في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والثقافية، والسياسية، والعسكرية، وكيف تغير وجه مصر في عهد خلفائه (عباس، وسعيد، وإسماعيل).

      سقوط نظام الاحتكار (معاهدة بلطة ليمان)

      كان "نظام الاحتكار" الذي أقامه محمد علي حجر عثرة أمام الرواج التجاري الأوروبي. فالدول الأوروبية، وخاصة بريطانيا، كانت في حاجة إلى أسواق لتصريف منتجاتها بعد الثورة الصناعية، ونظام محمد علي أغلق هذه الأسواق.

      معاهدة بلطة ليمان (أغسطس ١٨٣٨م)

      اتفقت بريطانيا مع السلطان العثماني على عقد معاهدة "بلطة ليمان" (في تركيا)، والتي نصت على إلغاء نظام الاحتكار التجاري الذي يتبعه محمد علي، على أن يبدأ التنفيذ في يوليو ١٨٣٩م.

      في البداية، رفض محمد علي تنفيذ المعاهدة، ليس حفاظاً على الإنتاج الداخلي فقط، بل للحفاظ على قدرته التنافسية في الخارج. لكنه اضطر في النهاية إلى تنفيذها بعد "تسوية لندن ١٨٤٠".

      نتائج سقوط الاحتكار

      أدى سقوط نظام الاحتكار إلى نتائج هامة:

      • سقوط نظام الاحتكار.
      • دخول الاستثمارات الأجنبية في مجال توظيف المال والإنتاج بمقتضى اتفاقيات تجارية.
      • سيادة مناخ الحرية الاقتصادية (وإن كان لصالح الأجانب أكثر منه لصالح المصريين).

      اختر - اتخذت عدة دول أوروبية موقفاً مضاداً من سياسة محمد علي الاقتصادية بهدف:
      (أ) تحرير عملية التبادل التجاري داخل مصر. (ب) إتاحة الفرصة لتسويق المنتجات الأوروبية. (ج) تسويق السلع والمواد الخام في الولايات العثمانية. (د) تأمين طرق التجارة الأوروبية نحو الشرق.

      الإجابة: (ب) إتاحة الفرصة لتسويق المنتجات الأوروبية.

      أثر سقوط الاحتكار على الزراعة

      أدى سقوط الاحتكار إلى تغيرات جذرية في ملكية الأراضي وأسلوب الزراعة.

      التغيرات في الزراعة

      حدثت عدة تطورات في عهد خلفاء محمد علي، أهمها:

      • أصبح المزارعون أحراراً في زراعة ما يشاءون من غلات بالأسلوب الذي يريدونه، مما أدى إلى تأخر وتجمد في أساليب الزراعة.
      • في عهد "سعيد باشا"، تم إلغاء "ضريبة الدخولية" (كانت ضريبة بنسبة ١٢٪ تُفرض على الحاصلات عند دخول الأسواق)، مما أراح الفلاحين.
      • توسعت ملكية الأراضي الزراعية من "حق انتفاع" إلى حق توريث الأرض أو هبتها.
      • ازدهرت زراعة القطن المصري بشكل كبير، خاصة بعد زيادة الطلب الأوروبي عليه (بسبب الحرب الأهلية الأمريكية).
      • في عهد "إسماعيل"، حدثت محاولات لتطوير أساليب الزراعة وإدخال نباتات جديدة.

      قانون المقابلة (أغسطس ١٨٧١م)

      عندما زادت ديون الحكومة المصرية في عهد إسماعيل، أصدر "قانون المقابلة" كوسيلة عاجلة لجمع الأموال.

      نص القانون: "أن الذين يدفعون ستة أمثال الضريبة المقررة على الأرض مرة واحدة، يُعفون من نصف الضريبة المقررة بصفة مستمرة، ويكون لهم حق الملكية التامة عليها".

      نتائج القانون: كان هذا القانون سبباً رئيسياً في استقرار الفلاحين والمزارعين وزيادة الإنتاج الزراعي.

      اختر - توجد علاقة بين إصدار قانون المقابلة في عهد الخديوي إسماعيل ورغبته في:
      (أ) مواجهة أزمة الديون الداخلية. (ب) تحقيق الاستقرار لأحوال الفلاحين. (ج) توفير الالتزامات المالية للحكومة. (د) تشجيع الاستثمارات الأجنبية في مصر.

      الإجابة: (ج) توفير الالتزامات المالية للحكومة. (لسداد الديون).

      أثر سقوط الاحتكار على الصناعة والتجارة والنقل

      كان تأثير إلغاء الاحتكار مدمراً على الصناعة الوطنية، بينما كان له جانب إيجابي في النقل.

      في مجال الصناعة

      قلّ إنتاج مصانع الدولة بعد إغلاق معظمها، وتدهورت الصناعات الحرفية الصغيرة لعدم قدرتها على منافسة الإنتاج الأجنبي الذي غمر السوق المحلية.

      ولكن، حدث انتعاش لبعض الصناعات الحربية في أواخر عهد "عباس" وأوائل عهد "سعيد" بسبب اشتراك مصر في "حرب القرم" (١٨٥٣-١٨٥٦م) بناءً على طلب السلطان العثماني.

      وفي عهد "إسماعيل"، انتعشت الصناعات مرة أخرى بسبب:

      • زيادة عدد الجيش المصري ورفع القيود عن بناء المعدات الحربية.
      • تجديد المصانع القديمة وإنشاء مصانع جديدة.
      • انتعاش الصناعات التجهيزية (مثل حلق القطن واستخراج الزيوت ودبغ الجلود).
      • انتعاش الصناعات التحويلية (مثل صناعة السكر والغزل والنسيج والورق).

      في مجال التجارة والنقل

      لم تتأثر التجارة الداخلية كثيراً بزوال الاحتكار، وتم السماح للمنتجين الزراعيين بإقامة حلقات لبيع الإنتاج بالمزايدة بدلاً من البيع للحكومة.

      أما الأهم، فقد سُمح للتجار الإنجليز (الأجانب) بالاتجار في المنتجات الزراعية والصناعية وبيعها في مصر وتصديرها، وقاموا بتوريد ما تحتاجه السوق المصرية من منتجات.

      ونتيجة لنشاط التجارة، اهتم "سعيد باشا" بالنقل والمواصلات فقام بـ:

      • إنشاء الخط الحديدي بين الإسكندرية والقاهرة، وآخر بين القاهرة والسويس.
      • تمهيد الطرق البرية والسكك الزراعية.
      • تأسيس شركتان للملاحة (بحرية ونيلية) برؤوس أموال أجنبية.

      مشروع قناة السويس (كنموذج للاستثمار الأجنبي)

      بعد سقوط الاحتكار ودخول الاستثمارات الأجنبية، ظهرت أهم وأخطر المشاريع في تلك الفترة وهو "مشروع قناة السويس". كان محمد علي قد رفض هذا المشروع في السابق قائلاً: "لا أريد بسفوراً في مصر" (خوفاً من التدخل الأجنبي).

      الامتياز وشروطه المجحفة

      وافق "سعيد باشا" على منح صديقه "فرديناند دليسبس" امتياز حفر القناة، والذي استمر ٩٩ سنة من تاريخ افتتاحها للملاحة (نوفمبر ١٨٦٩م).

      جاءت شروط الامتياز "مجحفة" (ظالمة جداً) للمصريين، حيث نصت على:

      • تتنازل الحكومة المصرية للشركة عن كل الأراضي المطلوبة للحفر (معفاة من الضرائب).
      • تلتزم الحكومة المصرية بحفر "ترعة الإسماعيلية" (لإيصال المياه العذبة للعاملين).
      • للشركة حق انتزاع الأراضي اللازمة للمشروع من الأفراد مقابل تعويض مالي.
      • للشركة امتياز استخراج المواد الخام اللازمة للمشروع دون ضرائب.
      • تقدم الحكومة المصرية "أربعة أخماس" (٤/٥) العمال من المصريين لحفر القناة.
      • تحصل مصر (مقابل الأرض والعمال والامتيازات) على ١٥٪ فقط من صافي الأرباح.
      • تحصل مصر على ٤٤٪ من أسهم الشركة (التي باعتها لاحقاً لسداد الديون).

      أصبحت قناة السويس أهم مظاهر التدخل الأجنبي في شؤون مصر، وأضعفت الإرادة السياسية للدولة.

      اختر - أدى افتتاح أهم طريق ملاحي دولي في عهد الخديوي إسماعيل إلى:
      (أ) تدخل الدول الأوروبية في السياسة العثمانية. (ب) إرغام مصر سياسياً واقتصادياً. (ج) الإخلال بمبدأ سيادة الدولة المصرية. (د) تمكن مصر من توفير التزاماتها المالية.

      الإجابة: (ج) الإخلال بمبدأ سيادة الدولة المصرية. (بسبب الشروط المجحفة والتدخلات).

      أثر سقوط الاحتكار على الأوضاع الاجتماعية

      أدى سقوط الاحتكار ودخول الاستثمارات الأجنبية إلى "إطلاق الباب المفتوح" أمام المنتجات الأجنبية، مما أثر على القوى الاجتماعية في مصر.

      تغير طبقات المجتمع

      • تدهور طوائف الحرف: تدهورت مكانة شيوخ الطوائف وطوائف الحرف بشكل عام، بسبب عدم قدرتهم على منافسة الإنتاج الأجنبي.
      • تناقص دور التاجر المحلي: تراجع دور التجار المحليين لحساب "الوكالات الأجنبية" والتجار الأجانب الذين سيطروا على السوق.
      • بروز طبقة الأعيان: برزت طبقة كبار ومتوسطي ملاك الأراضي الزراعية (الأعيان)، وبدأوا يتطلعون للمشاركة في الحياة السياسية، مستفيدين من قانون المقابلة وتوسع ملكيتهم.

      اختر - تضاءل دور بعض فئات المجتمع المصري عقب سيادة مناخ الحرية الاقتصادية ومنها:
      (أ) التاجر المحلي والحرفيون وطبقة الأعيان. (ب) التاجر المحلي والمستثمر الأجنبي. (ج) كبار ملاك الأراضي، والصناع وتجار القطن.

      الإجابة: (أ) التاجر المحلي والحرفيون وطبقة الأعيان. (ملاحظة: الأعيان *لم* يتضاءل دورهم بل *زاد*، لكن الخيار الأول هو الأصح مقارنة بالباقي لأن الحرفيين والتجار تضاءلوا فعلاً).

      أثر سقوط الاحتكار على التعليم

      لتقلص نفوذ محمد علي سياسياً واقتصادياً بعد تسوية لندن، تأثرت النهضة التعليمية التي بدأها بشكل سلبي في عهدي عباس وسعيد، ثم عادت للانتعاش في عهد إسماعيل.

      التعليم في عهدي عباس وسعيد

      ساءت أحوال المدارس وأُغلق بعضها، وتقلصت البعثات، وأُلغي "ديوان المدارس" (وزارة التعليم).

      في المقابل، بدأ تشجيع الأجانب من أوروبا والولايات المتحدة على إنشاء مدارس خاصة بهم (مدارس تبشيرية)، مما ساعد على "تعميق ازدواجية الفكر والثقافة" في مصر، حيث أصبح هناك تعليم ديني (أزهري)، وتعليم مدني (حكومي)، وتعليم أجنبي (تبشيري).

      التعليم في عهد إسماعيل

      أدرك إسماعيل أن التعليم هو الوسيلة الأساسية لتحقيق ذلك، فقام بـ:

      • الاهتمام بتعليم البنات، حيث أقام مدرستين للبنات بالقاهرة.
      • الاهتمام بالتعليم الصناعي، والزراعي، والمساحة، والمحاسبة.
      • الاهتمام بالمدارس الابتدائية والثانوية.
      • تشجيع الالتحاق بالتعليم عن طريق إقامة الحفلات المدرسية في نهاية العام الدراسي، وتوزيع الجوائز والمكافآت على الناجحين والمتفوقين.

      اختر - كان لتطبيق معاهدة بلطة ليمان أثر سلبي في مجال التعليم وتمثل ذلك في:
      (أ) تعميق ازدواجية الفكر والثقافة. (ب) تدهور الصناعات الحرفية. (ج) انخفاض ميزانية وزارة المعارف. (د) إغلاق مدارس تعليم البنات.

      الإجابة: (أ) تعميق ازدواجية الفكر والثقافة. (بسبب انتشار المدارس التبشيرية).

      أثر سقوط الاحتكار على الحياة الثقافية (عهد إسماعيل)

      أدت سياسة إسماعيل التعليمية وانفتاحه على الغرب إلى انتعاش الحياة الثقافية في مصر، حيث تم تأسيس العديد من الجمعيات والمؤسسات الثقافية.

      النهضة الثقافية في عهد إسماعيل

      قام إسماعيل بتأسيس عدة جمعيات بهدف نشر الثقافة:

      • جمعية المعارف (١٨٦٨م): لهدف نشر الثقافة عن طريق التأليف والنشر وطبع أمهات الكتب في التاريخ والفقه والأدب.
      • الجمعية الجغرافية (١٨٧٥م): للعناية بالأبحاث الجغرافية.
      • الجمعية الخيرية الإسلامية (١٨٧٨م): بهدف إعانة الفقراء وإنشاء مدارس خاصة لتعليم البنين والبنات، لمواجهة طغيان المدارس الأجنبية (التبشيرية) في مصر.
      • تأسيس دار الكتب (١٨٧٠م).

      كما تم إنشاء الصحف العلمية والأدبية والسياسية، وأُطلقت لها حرية الكتابة. وقد اصطدمت هذه الحرية أحياناً بالرقابة الأجنبية، لكنها كانت أداة مهمة لنشر العلوم والمعارف وتنوير الأذهان.

      محاكاة الأوروبيين (الأجانب)

      أدى وجود الأجانب ومؤسساتهم بكثرة في عهد إسماعيل إلى حدوث ميل عام بين المصريين (خاصة الأعيان) لتقليد ومحاكاة الأوروبيين في نمط الحياة (المسكن، الملبس، المأكل... إلخ).

      السلطتان التنفيذية والتشريعية (الدواوين والمجالس)

      تأثرت السلطات أيضاً بسقوط الاحتكار والأزمة المالية.

      في عهدي عباس وسعيد

      استمر الحكم المطلق (الفردي) في يد "الباشا". حدث انكماش سياسي واقتصادي، فتم تخفيض عدد الدواوين (الوزارات) إلى أربع فقط (الداخلية، المالية، الحربية، الخارجية)، واهتمت فقط بالأمور السيادية بعد أن تُرك النشاط الاقتصادي حراً للأفراد.

      في عهد إسماعيل

      استمر الحكم المطلق في عهد إسماعيل، ولكنه حاول إعطاءه رونقاً (مظهراً) حضارياً غربياً.

      مجلس شورى النواب (١٨٦٦م): أنشأه إسماعيل ليكون مجرد "واجهة" تضفي على الحكم رونقاً، ولم يكن هيئة تشريعية حقيقية للأسباب التالية:

      • كان منحة من الحاكم، وليس بناءً على مطالب جماهيرية.
      • حصر حق الترشيح فيه على شرائح اجتماعية معينة (العمد والمشايخ والأعيان).
      • لم يكن للمتعلمين من غير الأعيان نصيب في عضويته.

      مجلس النظار (١٨٧٨م): أنشأه إسماعيل كأول "مجلس وزراء" (سلطة تنفيذية) بناءً على ضغط أوروبي.

      اختر - افتقد الخديوي إسماعيل مجلس شورى النواب ١٨٦٦م أهميته وتمثيله للمجتمع بسبب:
      (أ) تجنبه مناقشة الأمور الإفرنجية. (ب) سماحه للجانب بالتوقيع فيه. (ج) اقتصاده على شرائح اجتماعية معينة. (د) انقياده التام لأوامر الخديوي.

      الإجابة: (ج) اقتصاده على شرائح اجتماعية معينة.

      السلطة القضائية والقوة العسكرية

      استمر تطوير القضاء والجيش، لكنهما تأثرا بشدة بالأزمة المالية والتدخل الأجنبي.

      السلطة القضائية

      في عهد سعيد:

      • أصبحت "جمعية الحقانية" تُعرف باسم "مجلس الأحكام" (كهيئة استئناف عليا).
      • استمرت المحاكم الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية.
      • أُنشئت "مجالس أقاليم" جديدة للفصل في المسائل المدنية والتجارية.
      • أُنشئ "قومسيون مصر" (١٨٦١) للنظر في القضايا التي يرفعها الأجانب على المصريين (فيما عدا العقارات والملكية).

      في عهد إسماعيل:

      • تم توحيد المحاكم القنصلية في محكمة واحدة عُرفت باسم "المحكمة المختلطة" (١٨٧٥م) للحد من مساوئ المحاكم القنصلية.

      القوة العسكرية

      تأثر الجيش سلباً بتسوية لندن وفرمان ١٨٤١ (التي حددت عدده بـ ١٨ ألفاً).

      في عهد عباس: لم يكن الجيش موضع اهتمامه، بل أدخل عدداً كبيراً من عناصر "الأرناؤوط" ليكونوا في خدمته الخاصة.

      في عهد سعيد: اهتم بالجيش، فجعل التجنيد "إجبارياً" للجميع على اختلاف الطبقات ولفترة قصيرة، بعد أن كان قاصراً على الفقراء. أحب الناس الجندية في عهده ولم يعتبروها تفرقة اجتماعية. واهتم بالأسطول البحري، لكن بريطانيا أوعزت للسلطان لمنعه من ذلك.

      في عهد إسماعيل: اهتم بالنواحي الحربية والبحرية، وأرسل بعثة لفرنسا لاقتباس الخبرات، وأحضر بعثة فرنسية لتنظيم المدارس الحربية. اهتم بتثقيف العقول العسكرية (أصدر صحيفتين للشؤون العسكرية)، وجدد الأسطول وأعاد النشاط لترسانة الإسكندرية.

      في أواخر عهد إسماعيل: ضعف الجيش بسبب الأزمة المالية وارتباك الحكومة، وهو ما أدى في النهاية إلى وقوع مصر تحت الاحتلال الإنجليزي عام ١٨٨٢م.

      Pages