شرح درس أحوال مصر في عصر خلفاء محمد علي - تاريخ 3 ثانوي 2026

أحوال مصر في عصر خلفاء محمد علي

يتناول هذا الدرس الفترة التي تلت عهد محمد علي، والتي شهدت تطبيق "معاهدة لندن" وفرماني ١٨٤١. كان لهذه الاتفاقيات أثر مدمر على مشروع محمد علي، حيث أدت إلى انهيار "نظام الاحتكار" الذي كان يسيطر به على الاقتصاد المصري.

سنتعرف بالتفصيل على الآثار العميقة التي ترتبت على سقوط هذا النظام في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والثقافية، والسياسية، والعسكرية، وكيف تغير وجه مصر في عهد خلفائه (عباس، وسعيد، وإسماعيل).

سقوط نظام الاحتكار (معاهدة بلطة ليمان)

كان "نظام الاحتكار" الذي أقامه محمد علي حجر عثرة أمام الرواج التجاري الأوروبي. فالدول الأوروبية، وخاصة بريطانيا، كانت في حاجة إلى أسواق لتصريف منتجاتها بعد الثورة الصناعية، ونظام محمد علي أغلق هذه الأسواق.

معاهدة بلطة ليمان (أغسطس ١٨٣٨م)

اتفقت بريطانيا مع السلطان العثماني على عقد معاهدة "بلطة ليمان" (في تركيا)، والتي نصت على إلغاء نظام الاحتكار التجاري الذي يتبعه محمد علي، على أن يبدأ التنفيذ في يوليو ١٨٣٩م.

في البداية، رفض محمد علي تنفيذ المعاهدة، ليس حفاظاً على الإنتاج الداخلي فقط، بل للحفاظ على قدرته التنافسية في الخارج. لكنه اضطر في النهاية إلى تنفيذها بعد "تسوية لندن ١٨٤٠".

نتائج سقوط الاحتكار

أدى سقوط نظام الاحتكار إلى نتائج هامة:

  • سقوط نظام الاحتكار.
  • دخول الاستثمارات الأجنبية في مجال توظيف المال والإنتاج بمقتضى اتفاقيات تجارية.
  • سيادة مناخ الحرية الاقتصادية (وإن كان لصالح الأجانب أكثر منه لصالح المصريين).

اختر - اتخذت عدة دول أوروبية موقفاً مضاداً من سياسة محمد علي الاقتصادية بهدف:
(أ) تحرير عملية التبادل التجاري داخل مصر. (ب) إتاحة الفرصة لتسويق المنتجات الأوروبية. (ج) تسويق السلع والمواد الخام في الولايات العثمانية. (د) تأمين طرق التجارة الأوروبية نحو الشرق.

الإجابة: (ب) إتاحة الفرصة لتسويق المنتجات الأوروبية.

أثر سقوط الاحتكار على الزراعة

أدى سقوط الاحتكار إلى تغيرات جذرية في ملكية الأراضي وأسلوب الزراعة.

التغيرات في الزراعة

حدثت عدة تطورات في عهد خلفاء محمد علي، أهمها:

  • أصبح المزارعون أحراراً في زراعة ما يشاءون من غلات بالأسلوب الذي يريدونه، مما أدى إلى تأخر وتجمد في أساليب الزراعة.
  • في عهد "سعيد باشا"، تم إلغاء "ضريبة الدخولية" (كانت ضريبة بنسبة ١٢٪ تُفرض على الحاصلات عند دخول الأسواق)، مما أراح الفلاحين.
  • توسعت ملكية الأراضي الزراعية من "حق انتفاع" إلى حق توريث الأرض أو هبتها.
  • ازدهرت زراعة القطن المصري بشكل كبير، خاصة بعد زيادة الطلب الأوروبي عليه (بسبب الحرب الأهلية الأمريكية).
  • في عهد "إسماعيل"، حدثت محاولات لتطوير أساليب الزراعة وإدخال نباتات جديدة.

قانون المقابلة (أغسطس ١٨٧١م)

عندما زادت ديون الحكومة المصرية في عهد إسماعيل، أصدر "قانون المقابلة" كوسيلة عاجلة لجمع الأموال.

نص القانون: "أن الذين يدفعون ستة أمثال الضريبة المقررة على الأرض مرة واحدة، يُعفون من نصف الضريبة المقررة بصفة مستمرة، ويكون لهم حق الملكية التامة عليها".

نتائج القانون: كان هذا القانون سبباً رئيسياً في استقرار الفلاحين والمزارعين وزيادة الإنتاج الزراعي.

اختر - توجد علاقة بين إصدار قانون المقابلة في عهد الخديوي إسماعيل ورغبته في:
(أ) مواجهة أزمة الديون الداخلية. (ب) تحقيق الاستقرار لأحوال الفلاحين. (ج) توفير الالتزامات المالية للحكومة. (د) تشجيع الاستثمارات الأجنبية في مصر.

الإجابة: (ج) توفير الالتزامات المالية للحكومة. (لسداد الديون).

أثر سقوط الاحتكار على الصناعة والتجارة والنقل

كان تأثير إلغاء الاحتكار مدمراً على الصناعة الوطنية، بينما كان له جانب إيجابي في النقل.

في مجال الصناعة

قلّ إنتاج مصانع الدولة بعد إغلاق معظمها، وتدهورت الصناعات الحرفية الصغيرة لعدم قدرتها على منافسة الإنتاج الأجنبي الذي غمر السوق المحلية.

ولكن، حدث انتعاش لبعض الصناعات الحربية في أواخر عهد "عباس" وأوائل عهد "سعيد" بسبب اشتراك مصر في "حرب القرم" (١٨٥٣-١٨٥٦م) بناءً على طلب السلطان العثماني.

وفي عهد "إسماعيل"، انتعشت الصناعات مرة أخرى بسبب:

  • زيادة عدد الجيش المصري ورفع القيود عن بناء المعدات الحربية.
  • تجديد المصانع القديمة وإنشاء مصانع جديدة.
  • انتعاش الصناعات التجهيزية (مثل حلق القطن واستخراج الزيوت ودبغ الجلود).
  • انتعاش الصناعات التحويلية (مثل صناعة السكر والغزل والنسيج والورق).

في مجال التجارة والنقل

لم تتأثر التجارة الداخلية كثيراً بزوال الاحتكار، وتم السماح للمنتجين الزراعيين بإقامة حلقات لبيع الإنتاج بالمزايدة بدلاً من البيع للحكومة.

أما الأهم، فقد سُمح للتجار الإنجليز (الأجانب) بالاتجار في المنتجات الزراعية والصناعية وبيعها في مصر وتصديرها، وقاموا بتوريد ما تحتاجه السوق المصرية من منتجات.

ونتيجة لنشاط التجارة، اهتم "سعيد باشا" بالنقل والمواصلات فقام بـ:

  • إنشاء الخط الحديدي بين الإسكندرية والقاهرة، وآخر بين القاهرة والسويس.
  • تمهيد الطرق البرية والسكك الزراعية.
  • تأسيس شركتان للملاحة (بحرية ونيلية) برؤوس أموال أجنبية.

مشروع قناة السويس (كنموذج للاستثمار الأجنبي)

بعد سقوط الاحتكار ودخول الاستثمارات الأجنبية، ظهرت أهم وأخطر المشاريع في تلك الفترة وهو "مشروع قناة السويس". كان محمد علي قد رفض هذا المشروع في السابق قائلاً: "لا أريد بسفوراً في مصر" (خوفاً من التدخل الأجنبي).

الامتياز وشروطه المجحفة

وافق "سعيد باشا" على منح صديقه "فرديناند دليسبس" امتياز حفر القناة، والذي استمر ٩٩ سنة من تاريخ افتتاحها للملاحة (نوفمبر ١٨٦٩م).

جاءت شروط الامتياز "مجحفة" (ظالمة جداً) للمصريين، حيث نصت على:

  • تتنازل الحكومة المصرية للشركة عن كل الأراضي المطلوبة للحفر (معفاة من الضرائب).
  • تلتزم الحكومة المصرية بحفر "ترعة الإسماعيلية" (لإيصال المياه العذبة للعاملين).
  • للشركة حق انتزاع الأراضي اللازمة للمشروع من الأفراد مقابل تعويض مالي.
  • للشركة امتياز استخراج المواد الخام اللازمة للمشروع دون ضرائب.
  • تقدم الحكومة المصرية "أربعة أخماس" (٤/٥) العمال من المصريين لحفر القناة.
  • تحصل مصر (مقابل الأرض والعمال والامتيازات) على ١٥٪ فقط من صافي الأرباح.
  • تحصل مصر على ٤٤٪ من أسهم الشركة (التي باعتها لاحقاً لسداد الديون).

أصبحت قناة السويس أهم مظاهر التدخل الأجنبي في شؤون مصر، وأضعفت الإرادة السياسية للدولة.

اختر - أدى افتتاح أهم طريق ملاحي دولي في عهد الخديوي إسماعيل إلى:
(أ) تدخل الدول الأوروبية في السياسة العثمانية. (ب) إرغام مصر سياسياً واقتصادياً. (ج) الإخلال بمبدأ سيادة الدولة المصرية. (د) تمكن مصر من توفير التزاماتها المالية.

الإجابة: (ج) الإخلال بمبدأ سيادة الدولة المصرية. (بسبب الشروط المجحفة والتدخلات).

أثر سقوط الاحتكار على الأوضاع الاجتماعية

أدى سقوط الاحتكار ودخول الاستثمارات الأجنبية إلى "إطلاق الباب المفتوح" أمام المنتجات الأجنبية، مما أثر على القوى الاجتماعية في مصر.

تغير طبقات المجتمع

  • تدهور طوائف الحرف: تدهورت مكانة شيوخ الطوائف وطوائف الحرف بشكل عام، بسبب عدم قدرتهم على منافسة الإنتاج الأجنبي.
  • تناقص دور التاجر المحلي: تراجع دور التجار المحليين لحساب "الوكالات الأجنبية" والتجار الأجانب الذين سيطروا على السوق.
  • بروز طبقة الأعيان: برزت طبقة كبار ومتوسطي ملاك الأراضي الزراعية (الأعيان)، وبدأوا يتطلعون للمشاركة في الحياة السياسية، مستفيدين من قانون المقابلة وتوسع ملكيتهم.

اختر - تضاءل دور بعض فئات المجتمع المصري عقب سيادة مناخ الحرية الاقتصادية ومنها:
(أ) التاجر المحلي والحرفيون وطبقة الأعيان. (ب) التاجر المحلي والمستثمر الأجنبي. (ج) كبار ملاك الأراضي، والصناع وتجار القطن.

الإجابة: (أ) التاجر المحلي والحرفيون وطبقة الأعيان. (ملاحظة: الأعيان *لم* يتضاءل دورهم بل *زاد*، لكن الخيار الأول هو الأصح مقارنة بالباقي لأن الحرفيين والتجار تضاءلوا فعلاً).

أثر سقوط الاحتكار على التعليم

لتقلص نفوذ محمد علي سياسياً واقتصادياً بعد تسوية لندن، تأثرت النهضة التعليمية التي بدأها بشكل سلبي في عهدي عباس وسعيد، ثم عادت للانتعاش في عهد إسماعيل.

التعليم في عهدي عباس وسعيد

ساءت أحوال المدارس وأُغلق بعضها، وتقلصت البعثات، وأُلغي "ديوان المدارس" (وزارة التعليم).

في المقابل، بدأ تشجيع الأجانب من أوروبا والولايات المتحدة على إنشاء مدارس خاصة بهم (مدارس تبشيرية)، مما ساعد على "تعميق ازدواجية الفكر والثقافة" في مصر، حيث أصبح هناك تعليم ديني (أزهري)، وتعليم مدني (حكومي)، وتعليم أجنبي (تبشيري).

التعليم في عهد إسماعيل

أدرك إسماعيل أن التعليم هو الوسيلة الأساسية لتحقيق ذلك، فقام بـ:

  • الاهتمام بتعليم البنات، حيث أقام مدرستين للبنات بالقاهرة.
  • الاهتمام بالتعليم الصناعي، والزراعي، والمساحة، والمحاسبة.
  • الاهتمام بالمدارس الابتدائية والثانوية.
  • تشجيع الالتحاق بالتعليم عن طريق إقامة الحفلات المدرسية في نهاية العام الدراسي، وتوزيع الجوائز والمكافآت على الناجحين والمتفوقين.

اختر - كان لتطبيق معاهدة بلطة ليمان أثر سلبي في مجال التعليم وتمثل ذلك في:
(أ) تعميق ازدواجية الفكر والثقافة. (ب) تدهور الصناعات الحرفية. (ج) انخفاض ميزانية وزارة المعارف. (د) إغلاق مدارس تعليم البنات.

الإجابة: (أ) تعميق ازدواجية الفكر والثقافة. (بسبب انتشار المدارس التبشيرية).

أثر سقوط الاحتكار على الحياة الثقافية (عهد إسماعيل)

أدت سياسة إسماعيل التعليمية وانفتاحه على الغرب إلى انتعاش الحياة الثقافية في مصر، حيث تم تأسيس العديد من الجمعيات والمؤسسات الثقافية.

النهضة الثقافية في عهد إسماعيل

قام إسماعيل بتأسيس عدة جمعيات بهدف نشر الثقافة:

  • جمعية المعارف (١٨٦٨م): لهدف نشر الثقافة عن طريق التأليف والنشر وطبع أمهات الكتب في التاريخ والفقه والأدب.
  • الجمعية الجغرافية (١٨٧٥م): للعناية بالأبحاث الجغرافية.
  • الجمعية الخيرية الإسلامية (١٨٧٨م): بهدف إعانة الفقراء وإنشاء مدارس خاصة لتعليم البنين والبنات، لمواجهة طغيان المدارس الأجنبية (التبشيرية) في مصر.
  • تأسيس دار الكتب (١٨٧٠م).

كما تم إنشاء الصحف العلمية والأدبية والسياسية، وأُطلقت لها حرية الكتابة. وقد اصطدمت هذه الحرية أحياناً بالرقابة الأجنبية، لكنها كانت أداة مهمة لنشر العلوم والمعارف وتنوير الأذهان.

محاكاة الأوروبيين (الأجانب)

أدى وجود الأجانب ومؤسساتهم بكثرة في عهد إسماعيل إلى حدوث ميل عام بين المصريين (خاصة الأعيان) لتقليد ومحاكاة الأوروبيين في نمط الحياة (المسكن، الملبس، المأكل... إلخ).

السلطتان التنفيذية والتشريعية (الدواوين والمجالس)

تأثرت السلطات أيضاً بسقوط الاحتكار والأزمة المالية.

في عهدي عباس وسعيد

استمر الحكم المطلق (الفردي) في يد "الباشا". حدث انكماش سياسي واقتصادي، فتم تخفيض عدد الدواوين (الوزارات) إلى أربع فقط (الداخلية، المالية، الحربية، الخارجية)، واهتمت فقط بالأمور السيادية بعد أن تُرك النشاط الاقتصادي حراً للأفراد.

في عهد إسماعيل

استمر الحكم المطلق في عهد إسماعيل، ولكنه حاول إعطاءه رونقاً (مظهراً) حضارياً غربياً.

مجلس شورى النواب (١٨٦٦م): أنشأه إسماعيل ليكون مجرد "واجهة" تضفي على الحكم رونقاً، ولم يكن هيئة تشريعية حقيقية للأسباب التالية:

  • كان منحة من الحاكم، وليس بناءً على مطالب جماهيرية.
  • حصر حق الترشيح فيه على شرائح اجتماعية معينة (العمد والمشايخ والأعيان).
  • لم يكن للمتعلمين من غير الأعيان نصيب في عضويته.

مجلس النظار (١٨٧٨م): أنشأه إسماعيل كأول "مجلس وزراء" (سلطة تنفيذية) بناءً على ضغط أوروبي.

اختر - افتقد الخديوي إسماعيل مجلس شورى النواب ١٨٦٦م أهميته وتمثيله للمجتمع بسبب:
(أ) تجنبه مناقشة الأمور الإفرنجية. (ب) سماحه للجانب بالتوقيع فيه. (ج) اقتصاده على شرائح اجتماعية معينة. (د) انقياده التام لأوامر الخديوي.

الإجابة: (ج) اقتصاده على شرائح اجتماعية معينة.

السلطة القضائية والقوة العسكرية

استمر تطوير القضاء والجيش، لكنهما تأثرا بشدة بالأزمة المالية والتدخل الأجنبي.

السلطة القضائية

في عهد سعيد:

  • أصبحت "جمعية الحقانية" تُعرف باسم "مجلس الأحكام" (كهيئة استئناف عليا).
  • استمرت المحاكم الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية.
  • أُنشئت "مجالس أقاليم" جديدة للفصل في المسائل المدنية والتجارية.
  • أُنشئ "قومسيون مصر" (١٨٦١) للنظر في القضايا التي يرفعها الأجانب على المصريين (فيما عدا العقارات والملكية).

في عهد إسماعيل:

  • تم توحيد المحاكم القنصلية في محكمة واحدة عُرفت باسم "المحكمة المختلطة" (١٨٧٥م) للحد من مساوئ المحاكم القنصلية.

القوة العسكرية

تأثر الجيش سلباً بتسوية لندن وفرمان ١٨٤١ (التي حددت عدده بـ ١٨ ألفاً).

في عهد عباس: لم يكن الجيش موضع اهتمامه، بل أدخل عدداً كبيراً من عناصر "الأرناؤوط" ليكونوا في خدمته الخاصة.

في عهد سعيد: اهتم بالجيش، فجعل التجنيد "إجبارياً" للجميع على اختلاف الطبقات ولفترة قصيرة، بعد أن كان قاصراً على الفقراء. أحب الناس الجندية في عهده ولم يعتبروها تفرقة اجتماعية. واهتم بالأسطول البحري، لكن بريطانيا أوعزت للسلطان لمنعه من ذلك.

في عهد إسماعيل: اهتم بالنواحي الحربية والبحرية، وأرسل بعثة لفرنسا لاقتباس الخبرات، وأحضر بعثة فرنسية لتنظيم المدارس الحربية. اهتم بتثقيف العقول العسكرية (أصدر صحيفتين للشؤون العسكرية)، وجدد الأسطول وأعاد النشاط لترسانة الإسكندرية.

في أواخر عهد إسماعيل: ضعف الجيش بسبب الأزمة المالية وارتباك الحكومة، وهو ما أدى في النهاية إلى وقوع مصر تحت الاحتلال الإنجليزي عام ١٨٨٢م.