درس استعمار فرنسا لتونس حتى الاستقلال | تاريخ 3 ثانوي

استعمار فرنسا لتونس ١٨٨١م حتى الاستقلال ١٩٥٦م

كان استيلاء فرنسا على الجزائر جزءاً من مشروع فرنسي كبير لتكوين إمبراطورية فرنسية في شمال أفريقيا، وهو ما دفعها للتوسع شرقاً نحو تونس لتعزيز هذا المشروع.

في هذا الدرس، سنتعرف على الظروف التي سبقت الاحتلال، والتنافس الاستعماري الدولي على تونس، ومراحل كفاح الشعب التونسي بقيادة زعمائه الوطنيين حتى نيل الاستقلال عام ١٩٥٦م.

أولاً: احتلال فرنسا لتونس

كان استيلاء فرنسا على الجزائر من مقدمات مشروع فرنسي كبير لتكوين إمبراطورية فرنسية في شمال أفريقيا.

موقف الدولة العثمانية من الأطماع الفرنسية

اتخذت الدولة العثمانية موقفاً سلبياً من الاستعمار الفرنسي للجزائر، ولكنها رأت أن الأسرة القرمنلية في طرابلس (ليبيا) وحكام تونس لديهم القدرة على التصدي للاستعمار الفرنسي.

محاولات استعادة السيطرة

لذلك عملت الدولة العثمانية على إنقاذ طرابلس وتونس من الاستعمار باستعادة الحكم المباشر عليهما ففي:

  • عام ١٨٣٥م: نجح السلطان العثماني في طرد الأسرة القرمنلية من طرابلس وحكم البلاد حكماً مباشراً.
  • عام ١٨٣٦م: أرسل السلطان العثماني قطع بحرية حربية إلى تونس، فاعترضت فرنسا مهددة أن تونس كياناً مستقلاً، ولا يحق للسلطان التدخل في شئونها. وكان ذلك تمهيداً لانفراد فرنسا بتونس.

التنافس الاستعماري على تونس

لم تكن فرنسا وحدها الطامعة في تونس، فقد كانت هناك إنجلترا وإيطاليا التي كانت تسعى لدعم إمبراطورية استعمارية بعد أن حقق الإيطاليون وحدتهم في الفترة بين (١٨٥٩م - ١٨٧٠م).

من مظاهر التنافس الاستعماري على تونس

  • (١) تسابق الدول (إنجلترا وفرنسا وإيطاليا):
    وذلك لكسب الأعوان داخل الإدارة العليا التونسية والحصول على أكبر قدر ممكن من الامتيازات في السوق التونسية. وقد ساعدهم على ذلك رغبة الإدارة التونسية في التعاون مع الدول الكبرى بهدف تحديث البلاد (سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعسكرياً). حيث قام:
    • الباي محمد (١٨٥٥م - ١٨٥٩م): أصدر (عهد الأمان) وبمقتضاه تساوى المواطنون أمام القانون.
    • الباي محمد الصادق: استصدار دستور عام ١٨٦١م. كما قامت في عهده مشروعات لـ: خطوط السكك الحديدية والبرق (التلغراف)، والموانئ على شركات فرنسية وأجنبية.
  • (٢) الحصول على الامتيازات من حكومة تونس:
    كما حصلت إحدى الدول الأجنبية على امتياز من حكومة تونس، حصلت بقية الدول الكبرى على نفس الامتياز. وعن طريق تلك الامتيازات:
    • حصلت إنجلترا وفرنسا وإيطاليا على حق امتلاك الأراضي في تونس.
    • وقعت الدولة التونسية (تونس) في شرك القروض حتى أفلست كما حدث في مصر (في عهد إسماعيل).

مؤتمر برلين عام ١٨٧٨م

عُقد هذا المؤتمر في برلين لتسوية مشاكل الدول الكبرى على حساب الدولة العثمانية (الرجل المريض) بعد اختلال التوازن الدولي.

ظروف انعقاده (أسبابه)

  • (١) اختلال التوازن الدولي:
    جاء ذلك (من وجهة نظر إنجلترا وفرنسا) بعد انتصار روسيا على الدولة العثمانية عام ١٨٧٨م وفرض روسيا عليها "معاهدة سان ستيفانو". ترتب عليها:
    • ظهور دولة بلغاريا أكبر من اللازم، والتي أصبحت "مخلب قط" لروسيا ضد الدولة العثمانية وتهددها، مما يؤدي إلى الإجهاز على الدولة العثمانية لتصبح تحت التوجيه الروسي لصالح روسيا، وهو أمر ترفضه الدول الكبرى الأخرى.
  • (٢) شفا حرب أوروبية:
    أصبحت أوروبا على شفا حرب أوروبية كبرى من أجل مستقبل الدولة العثمانية. فدعا بسمارك (مستشار الرايخ الألماني) الدول الكبرى المتنافسة إلى عقد مؤتمر برلين.

نتائجه (صفقة استعمارية)

  • (١) إنجلترا: اقتناص إنجلترا جزيرة قبرص من الدولة العثمانية مقابل وعد بالدفاع عنها.
  • (٢) فرنسا: غضبت فرنسا من ذلك، لذا اعترفت (أغرتها) إنجلترا بالانفراد بتونس.
  • (٣) إيطاليا: غضبت إيطاليا التي كانت تطمع في تونس، فانضمت عام ١٨٨٢م إلى الحلف (الألماني النمساوي) ضد الحلف (الفرنسي الروسي).

(اختر):
أطلقت إنجلترا العنان لفرنسا في تونس بعد مؤتمر برلين مقابل...
(أ) ضمان حياد فرنسا في البلقان.
(ب) ضمان إنجلترا لحقوقها في قبرص.
(ج) مساندة فرنسا لإنجلترا في مصر.
(د) ضمان المصالح الإنجليزية في تونس.

سياسة فرنسا الاستعمارية في تونس

بعد الاحتلال، عمل الاحتلال الفرنسي على:

  • (١) تسخير تونس لخدمة المصالح الفرنسية.
  • (٢) السعي لمسخ الشخصية العربية الإسلامية لتونس.

رد فعل الشعب التونسي

إذ أن للشخصية التونسية كانت القدرة على الحفاظ على هويتها من خلال قيام الشعب التونسي بـ:

  • (١) التصدي للفرنسيين.
  • (٢) التعلق بالدعوة إلى الجامعة الإسلامية التي أطلقها جمال الدين الأفغاني وتبناها السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
  • (٣) تشكيل أحزاب وطنية للنضال والمطالبة بالاستقلال.

ثانياً: كفاح تونس حتى الاستقلال

بدأ الكفاح السياسي بالتزامن مع المقاومة المسلحة، وحاول زعماء الحركة الوطنية عرض قضية تونس على «مؤتمر الصلح» بعد الحرب العالمية الأولى.

مؤتمر الصلح

استناداً إلى مبدأ حق تقرير المصير، ولكن رفض المؤتمر الاستماع لهم مثلما حدث مع الوفد المصري.

الحركة الوطنية بين الحربين (الحبيب بورقيبة)

تميز "الحبيب بورقيبة" أثناء زعامته للحركة الوطنية فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية بالجمع بين الثقافة العربية والثقافة الفرنسية.

بدأت تتبلور فكرة تحريك الجماهير ضد الاحتلال الفرنسي، وخاصة بعد هزيمة فرنسا في بداية الحرب العالمية الثانية والذي أدى إلى ضعف موقفها إزاء الحركات الوطنية.

الطريق إلى الاستقلال (بعد الحرب العالمية الثانية)

تصاعد النضال الوطني بعد الحرب العالمية الثانية، مدعوماً بالضغط الدولي.

مراحل الاستقلال

  • واجهت فرنسا في عام ١٩٤٦م ضجة عالمية عندما قامت بالقبض على الزعماء الوطنيين الذين كانوا مجتمعين في مؤتمر وطني.
  • عرض التونسيون قضيتهم على الأمم المتحدة عام ١٩٥٢م.
  • اضطرت فرنسا تحت ضغط كفاح الشعب التونسي والدعم العربي والعالمي إلى الموافقة على استقلال تونس في مارس ١٩٥٦م.
  • ولكن، ظلت فرنسا محتفظة بقاعدة بنزرت البحرية التي أخلتها فرنسا نهائياً عام ١٩٦٣م.