شرح درس المشكلات الإجتماعية ذات البعد السياسي | جغرافيا 3 ثانوي
مشكلات اجتماعية ذات بعد سياسي
تشهد الساحة السياسية العالمية عدداً من المشكلات الاجتماعية منها مشكلة الأقليات والهجرة (الإجبارية وغير الشرعية) والتي نتج عنها ظهور العديد من الحركات الاجتماعية التي أخذت أشكالاً متعددة منها الحركات القومية الانفصالية، والحركات المناهضة للتفرقة العنصرية والتي تبحث عن حقوق الأقليات وتدعو إلى العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
في هذا الدرس، سنتعرف بالتفصيل على هذين المفهومين وتأثيراتهما السياسية.
أولاً: الأقليات (مقدمة)
اهتمت العديد من الدول والمنظمات الدولية بحقوق الأقليات في العالم خاصة في السنوات الأخيرة حيث:
- يوجد في دستور كل دول العالم نص يعالج حقوق الأقليات داخل كل دولة بعدم التمييز بين أفرادها على أساس اللون أو الدين أو اللغة.
- أصدرت منظمة الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م والذي اهتم بقضية التمييز بين البشر وحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتضمن كافة الضمانات الدولية للأفراد وخاصة المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص صراحة على ما يلي:
"لا يجوز في الدول التي توجد فيها أقليات دينية أو لغوية أن يحرم الأشخاص المنتمون إلى هذه الأقليات من حق التمتع بثقافتهم الخاصة وإقامة شعائرهم أو استخدام لغتهم."
(دلل): اهتمت المنظمات الدولية بحقوق الأقليات لحمايتها من التمييز العنصري واللغوي والديني وحق تقرير المصير.
أثر الأقليات على استقرار الدولة
تؤثر المشكلات التي تتعرض لها الأقليات أو التي تثيرها الدول وتتوزع مختلفة إلى مشاكل سياسية قد تؤثر على استقرار الدول وتماسكها السياسي، ويتوقف ذلك على عدة عوامل، وهي:
(١) وطن الأقلية
متى كان للأقلية وطن تتمركز فيه داخل الدولة، فإنها تثير مشاكل سياسية حال وجود قوى خارجية تشجعها، خاصة إذا كان هذا الوطن على أطراف الدولة.
مثال: الأكراد على أطراف الدول التي يتوزعون عليها (العراق وإيران وسوريا وتركيا).
(٢) التوزيع الجغرافي للأقلية
مدى انتشار أو تركز الأقلية...
- إذا كانت الأقلية منتشرة ومبعثرة في أنحاء الدولة وسط الأغلبية يكون تأثيرها محدوداً أو حتى معدوماً، خاصة في حالة مطالبتها بالانفصال عن الدولة الأم.
- الأقلية مركزة جغرافياً في مكان ما في الدولة (خاصة إذا كانت على أطراف الدولة) تكون مطالبتها بالانفصال خطراً على استقرار الدولة، خاصة إذا كانت هناك قوى مجاورة تشجع هذه الأقلية في مطالبها.
مثال: سكان تيمور الشرقية في إندونيسيا، الباسك في إسبانيا.
(ما العلاقة بين...): التوزيع الجغرافي للأقلية وقوتها الانفصالية؟
الأقليات اللغوية
تُعد اللغة أهم عناصر تكوين القوميات في العالم، كونها الوعاء الثقافي للأمم وتحرص كل دولة في العالم أن يسود فيها لغة رسمية واحدة.
تُعد الأقليات اللغوية أقل أنواع الأقليات انتشاراً على خريطة العالم، على الرغم من تعدد اللغات التي يتحدثها سكان العالم.
تلجأ بعض الدول للاعتراف بحرية الأقليات في استخدام لغتها القومية خوفاً من مطالبة تلك الأقليات بالاستقلال عن الدولة. مثل: الأكراد في شمال العراق.
في الوقت الحالي، يمكن لبعض الدول منع استخدام الأقليات للغاتها. مثل: إيطاليا، حيث ترفض استخدام الأقلية النمساوية للغتها، وتلزمها باستخدام اللغة الإيطالية في جميع المجالات.
(حدد أوجه الشبه والاختلاف): بين موقف دولتي العراق وإيطاليا تجاه الأقليات اللغوية.
الأقليات العرقية
كل قارة من قارات العالم بها أفراد ينتمون أساساً لعرق أو سلالة معينة وأقليات من سلالات أخرى.
لا يمثل العرق أو السلالة مشكلة سياسية إلا حينما يظهر التمييز العنصري بين أفراد وشعب دولة معينة. ويتضح ذلك فيما يلي:
(١) الزنوج
يمثلون أقلية عرقية في العالم الجديد وكانت تُمارس ضدهم تفرقة عنصرية شديدة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
(٢) القوقازيون (الأقلية)
يمثلون أقلية بيضاء في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وسط شعوب القارة السمراء خاصة في جنوب أفريقيا.
المشكلات التي تعاني منها الأقليات
تعاني الأقليات في بعض دول العالم عدد من المشكلات أشهرها قضية التفرقة العنصرية أبشع صور التمييز.
مثال: التفرقة العنصرية ضد الزنوج من البيض في كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة جنوب أفريقيا وإن كانت تختلف في بعض الأوجه حيث:
في دولة الولايات المتحدة الأمريكية
مورست التفرقة العنصرية من البيض (الأغلبية) ضد الزنوج (الأقلية) بالرغم من أن الزنوج والبيض كلاهما مهاجرون.
في دولة جنوب أفريقيا
مورست التفرقة العنصرية من المهاجرين البيض (الأقلية) ضد الزنوج (الأغلبية) أصحاب الأرض (الوطنيين).
حصلت الأقلية الزنجية على حقوقها المدنية عام 1968م بعد صراع طويل وتضحيات بشرية. وظلت تظهر هذه المشكلة على السطح من آن لآخر في بعض الأحداث.
(1) إذا كانت قضية التفرقة العنصرية قد انتهت على الأقل في الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب أفريقيا، إلا أنها ما زالت تُمارس على نطاق واسع في دول مثل فلسطين.
(واجهت...): أكثر الدول التي مارست فيها التفرقة العنصرية، هي:
(أ) الدولة الفيدرالية. (ب) الدولة الوحدوية.
(ج) الدولة الكونفيدرالية. (د) الدول الديمقراطية القومية.
الأقليات القومية وحجمها الاقتصادي
(٣) الأقليات القومية
لكل دولة قوميات صفات خاصة تميزها عن الأغلبية، مثل: (اللغة أو الدين أو العرق) تستمد الأقلية في الدفاع عن هويتها التي تميزها عن الأغلبية ذات الأغلبية القومية. وتكون مطالبتها إما بالانفصال عن الدولة الأم أو الحصول على حقوقها.
(٤) حجم الأقلية وقوتها الاقتصادية
تتوقف أثر المشكلات السياسية التي تثيرها الأقلية على حجمها من حيث مجموع السكان.
وتؤثر الأقلية ذات الانفصال حالياً. مثال: البيض في دولة جنوب أفريقيا كانوا أقلية، لكنهم يسيطرون على حوالي ثلاثة أرباع اقتصاد الدولة، وما زال جزء كبير من اقتصاد الدولة في أيديهم.
(وضح...): لماذا... لم تفلح الأغليات ذات الأغلبية في التخلص من القوى الاستعمارية في القارة السمراء (جنوب أفريقيا)؟
ثانياً: الهجرة (الإجبارية وغير الشرعية)
الهجرة هي انتقال الأفراد من مكان لآخر، وهي تنقسم إلى هجرة إجبارية (قسرية) وهجرة غير شرعية (غير قانونية).
(١) الهجرة الإجبارية (القسرية)
تفرض لإجبار الإنسان على ترك إقامته المعهودة داخل أو خارج الوطن الذي يأويه.
أسبابها
- (1) حدوث الكوارث الطبيعية كالفيضانات أو الزلازل.
- (2) دوافع قومية أسمى (تهجير أهالي النوبة من مناطقهم جنوب أسوان إلى أماكن أخرى بسبب إنشاء السد العالي).
- (3) حدوث صراعات ونزاعات مسلحة دولية (الحروب الأهلية) ما يدفع السكان إلى الهجرة القسرية إلى دول الجوار وهو ما يطلق عليهم (اللاجئون).
مثال: الصراع بين اليهود والفلسطينيين، حيث:
- يدعي اليهود أن فلسطين هي وطنهم الموعود.
- شجعت القوى الاستعمارية اليهود على إقامة وطن لهم في فلسطين. وما زالت هذه القوى تساندهم مما أدى إلى تهجير الفلسطينيين قسراً إلى خارج وطنهم.
(دلل): يلعب التهجير القسري دوراً في تغير الخريطة السياسية.
(٢) الهجرة غير الشرعية
انتقال شخص من دولة إلى أخرى من غير المنافذ الرسمية للدول وبغير الطرق القانونية التي تنظم انتقال الأشخاص بين الدول.
شهدت ظاهرة الهجرة غير الشرعية إرتفاعاً ملحوظاً مع نهاية القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين نتيجة تدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
من أمثلتها
- الهجرة غير الشرعية من العالم النامي وخاصة الأفارقة إلى دول الاتحاد الأوروبي.
- الهجرة غير الشرعية لأعداد غفيرة من جنوب شرق آسيا إلى دول الخليج العربي.
(1) تُعد إيطاليا أقرب الدول الأفريقية التي توجد بها قوى مسببة للهجرة سواء صراعات داخلية أو نزاعات بين دول القارة، حتى أنه يمكن أن نطلق عليها جسراً للهجرة غير الشرعية.
(دلل): تمثل منطقة جنوب غرب آسيا ممراً للهجرة غير الشرعية.
نتائج الهجرة غير الشرعية
أصبحت ظاهرة الهجرة غير الشرعية خاصة يشغل معظم الدول نظراً للانعكاسات السلبية على المجتمع في مختلف الجوانب، والتي تتمثل في:
الجانب الأمني والسياسي
يعد تدفق المهاجرين غير الشرعيين مصدراً للتهديد على الدولة حيث:
- يرتبط بأشكال مختلفة من الجريمة المنظمة.
- يسهل للمنظمات الإجرامية والعصابات المعادية بالتسلل إلى داخل البلاد أو العكس (إفلات الإرهابيين).
- يؤدي إلى تنامي الصراعات القبلية الطائفية بين المهاجرين.
الجانب الاجتماعي
حيث تؤدي الهجرة غير الشرعية إلى:
- الإخلال بالتوازن الديموجرافي مهددة بذلك مواطني الدولة أو المنطقة.
- تعدد الجنسيات وبالتالي انتشار بعض العادات المخالفة لقيم المجتمع.
الجانب الاقتصادي
حيث تؤثر زيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين المتواجدين في الدولة سلبياً على التنمية الاقتصادية.
- لأنهم أصبحوا يشكلون أيدي عاملة رخيصة تؤدي إلى تزايد سوق العمل غير الشرعي مما يؤثر سلبياً على الأيدي العاملة المحلية.
الجانب الصحي
حيث تؤدي الهجرة غير الشرعية إلى نقل الأوبئة والأمراض الفتاكة سريعة الانتشار مما يشكل تهديداً فعلياً للمناطق التي يفد إليها الأفراد.
(لماذا تمثل...): الهجرة غير الشرعية تهديداً للأمن القومي والهوية.