نظره عامه على ماده الجغرافيا ثالثه ثانوي
شرح درس مدخل لدراسة الجغرافيا السياسية
شهدت خريطة العالم السياسية تغيرات مستمرة على مر التاريخ، تمثلت في ظهور واختفاء دول، واندماج دول أخرى أو انقسامها، وتكوين علاقات دولية جديدة أو تمزق علاقات أخرى.
هذا التغير المستمر هو محور دراسة "الجغرافيا السياسية"، وهي فرع من فروع الجغرافيا البشرية يهتم بدراسة المقومات الجغرافية (الطبيعية والبشرية) للدولة، وتنظيمها الداخلي، وتأثير ذلك في قوتها السياسية وعلاقاتها الدولية.
تطور علم الجغرافيا السياسية (الرواد)
ارتبط علم الجغرافيا السياسية بجهود عدد من العلماء الذين وضعوا أسسه عبر التاريخ.
أرسطو (٣٨٣ - ٣٢٢ ق.م)
يُعد "أرسطو" من أشهر من كتب في الجغرافيا السياسية قديماً. في مؤلفه الشهير "السياسة"، تناول "الدولة المثالية".
حدد أرسطو عناصر الدولة المثالية في خمسة موضوعات رئيسية، هي:
- (١) عدد السكان.
- (٢) الموارد الاقتصادية.
- (٣) العاصمة.
- (٤) الجيش.
- (٥) الحدود السياسية.
كما ركز على مدى قوة الدولة ككيان سياسي، وعلاقتها بمقوماتها (خاصة التوازن بين عدد السكان والموارد)، وناقش موضوع "الحدود السياسية المحصنة" وأثر المناخ عليها.
عبد الرحمن بن خلدون (١٣٣٢ - ١٤٠٦م)
يُعد "ابن خلدون" من أبرز المفكرين المسلمين الذين أضافوا للفكر الجغرافي. في مقدمته الشهيرة "مقدمة ابن خلدون"، وضع ما يُعرف بـ "علم العمران البشري" (علم الاجتماع حالياً).
ركز ابن خلدون على أهم ظاهرتين في البناء السياسي بالعالم العربي وقتذاك، وهما:
- (١) القبيلة (البداوة).
- (٢) المدينة (الحضارة).
كما وضع الإطار العام المعروف باسم "دورة حياة الدولة"، والذي شبه فيه الدولة بكائن حي يمر بمراحل: النشأة، الشباب، النضج، الاضمحلال.
فريدريك راتزل (١٨٤٤ - ١٩٠٤م)
جاء الميلاد الحقيقي للجغرافيا السياسية كعلم مستقل على يد العالم الألماني "فريدريك راتزل".
وضع "راتزل" أول مؤلف علمي يحمل اسمها الحالي (الجغرافيا السياسية) عام ١٨٩٧م.
مفاهيمه:
- اعتبر "الدولة بمثابة كائن حي" تنطبق عليه قوانين الميلاد والنمو والوفاة.
- اعتبر أن خريطة العالم السياسية تشكلت نتيجة للصراع بين الدول.
(سؤال مقالي):
"ركز أرسطو على أهمية التناغم بين عنصرين رئيسيين لقوة الدولة".
في ضوء دراستك، ما هما هذان العنصران؟ وما أهمية التوازن بينهما؟
الفرق بين الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيك
ظهر مصطلح "الجيوبوليتيك" لأول مرة على يد العالم السويدي "رودلف كيلين".
تعريف الجيوبوليتيك
هو دراسة تأثير العوامل الجغرافية (الطبيعية والبشرية) والاقتصادية في سياسة الدولة "الخارجية".
أي أن الهدف من الجيوبوليتيك هو "رسم تصور لما يجب أن تكون عليه الدولة" لتحقيق أهدافها التوسعية في المستقبل (هدف خارجي توسعي).
الخلط بين المفهومين
حدث خلط كبير بين المفهومين، خاصة في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها.
حيث استغلت ألمانيا مفاهيم "راتزل" (نمو الدولة ككائن حي) بصورة خاطئة لتبرير توسعها الاستعماري على حساب الدول المجاورة، واعتبرتها "مجالها الحيوي".
الفرق الجوهري
الفرق الأساسي هو:
- الجغرافيا السياسية: "تدرس الدولة كما هي قائمة بالفعل" (تدرس الكيان القائم - الاستاتيكي).
- الجيوبوليتيك: "ترسم تصوراً لما يجب أن تكون عليه الدولة" ومطالبها المستقبلية (تدرس الكيان المتغير - الديناميكي).
(علل): لماذا يُعتبر "الجيوبوليتيك" علماً ذا نظرة مستقبلية وتوسعية؟
أهداف الجغرافيا السياسية
تهدف دراسة الجغرافيا السياسية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العلمية والتطبيقية الهامة.
الأهداف الرئيسية للجغرافيا السياسية
- دراسة الوحدات السياسية (الدولة): أي دراسة "الدولة" من حيث ملامحها الجغرافية (الطبيعية والبشرية) وتأثير ذلك على قوتها.
- تحديد عناصر قوة الدولة وضعفها: تحليل المقومات الطبيعية والبشرية للحكم على قوة الدولة أو ضعفها.
- تحليل التجمعات الإقليمية والعالمية: دراسة الأحلاف والتكتلات (مثل الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة) تحليلاً جغرافياً موضوعياً.
- التعريف بالمشكلات السياسية: فهم المشكلات السياسية واقتراح "حلول عملية" لها.
مثال: دور الجغرافيين في رسم الحدود السياسية الحديثة في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى، ودورهم في الدفاع عن حق مصر في "قضية طابا". - توفير البيانات والمعلومات: إمداد "صناع القرار" (السياسيين والعسكريين) بالبيانات الدقيقة اللازمة لاتخاذ قرارات سليمة.
اختر الإجابة الصحيحة:
دراسة الأبعاد الجغرافية لتجمع "بريكس" الاقتصادي يدخل ضمن أهداف الجغرافيا السياسية وهو...
(أ) دراسة الوحدات السياسية
(ب) تحليل التجمعات الإقليمية والعالمية
(ج) التعريف بالمشكلات السياسية
(د) توفير البيانات لصناع القرار
مجالات دراسة الجغرافيا السياسية
تطورت المجالات التي يهتم بها علم الجغرافيا السياسية، فبالإضافة إلى المجالات التقليدية، ظهرت مجالات أحدث وأكثر شمولاً.
المجالات قديماً
كانت الجغرافيا السياسية قديماً تركز على ثلاثة محاور رئيسية:
- دراسة الدولة: (وهي المجال الرئيسي والأهم).
- دراسة العلاقات الدولية: بين الدول وبعضها.
- دراسة المشكلات السياسية: (مثل مشكلات الحدود).
المجالات حديثاً (نتيجة التغيرات العالمية)
نتيجة للتغيرات السريعة على خريطة العالم (مثل انهيار الاتحاد السوفيتي)، اتسعت مجالات العلم لتشمل:
- الدولة: ما زالت هي محور الدراسة الأساسي.
- التحليل السياسي للقوة: وهو مجال يهتم بدراسة "الأبعاد الجغرافية" للصراع بين القوى المتنافسة على الساحة العالمية.
- النظام العالمي الجديد وما ينتج عنه من تغيرات: وهو المجال الأكثر شمولاً، ويتميز بالسرعة والتغير. ويدرس موضوعات مثل:
- التكتلات الاقتصادية والسياسية (مثل الاتحاد الأوروبي).
- الأحلاف العسكرية (مثل حلف الناتو).
- ظاهرة العولمة.
- قضايا الأمن المائي والغذائي والطاقة.
- المنظمات الدولية (مثل الأمم المتحدة).
- الآثار المترتبة على التدخلات العسكرية.
(بم تفسر): اتساع مجالات الجغرافيا السياسية حديثاً؟
دور التقنيات الحديثة في الجغرافيا السياسية
أدى التطور التكنولوجي الهائل في العصر الحديث إلى تطور كبير في دقة ومخرجات علم الجغرافيا السياسية.
الاستشعار عن بعد (Remote Sensing)
ساعدت "المرئيات الفضائية" (صور الأقمار الصناعية) والتصوير الجوي (صور الطائرات) الجغرافيا السياسية في توفير بيانات دقيقة عن:
- الحدود السياسية: مراقبة الحدود وتحديدها بدقة.
- مناطق النزاعات: متابعة الصراعات العسكرية وتطورها.
- الممرات الملاحية والمياه الإقليمية: مراقبة حركة السفن وتأمين الممرات الاستراتيجية.
تطور وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات
أدت سرعة تدفق المعلومات والبيانات (عبر الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة) إلى جعل العالم "وحدة واحدة" أو ما يُعرف بـ "القرية الكونية".
نظم المعلومات الجغرافية (GIS)
تُعد "نظم المعلومات الجغرافية" هي الإضافة الأهم، فهي أنظمة حاسوبية متقدمة تقوم بـ:
- توفير "بيانات رقمية" دقيقة عن الموارد الطبيعية والبشرية للدولة.
- توفير "خرائط حديثة ودقيقة" عن الوحدات السياسية والحدود.
- مساعدة "متخذي القرار" في اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية السليمة بناءً على بيانات تحليلية دقيقة.
(سؤال مقالي):
"أصبحت نظم المعلومات الجغرافية (GIS) أداة لا غنى عنها في يد القائد العسكري والسياسي".
دلل على صحة هذه العبارة بمثالين.
ملخص شامل لأهم أفكار الدرس (من صفحات التقييم)
تُعد الإجابات التفسيرية الموجودة في صور التقييمات ملخصاً هاماً لأفكار الدرس.
ملخص أفكار الدرس
- تتسم خريطة العالم السياسية بالتغير المستمر، حيث شهدت اختفاء دول (مثل الاتحاد السوفيتي) وظهور دول جديدة، واندماج دول (مثل ألمانيا) وانقسام أخرى (مثل السودان).
- تدرس الجغرافيا السياسية الدولة ككيان قائم (استاتيكي)، بينما الجيوبوليتيك يدرسها ككيان ديناميكي (توسعي).
- تهتم الجغرافيا السياسية بدراسة المقومات الجغرافية للدولة وتأثير ذلك على قوتها وعلاقاتها الدولية.
- ركز "أرسطو" في دراسته للدولة على "الجانب المكاني" (الحدود، العاصمة، الموارد، السكان) وتأثيرها على قوة الدولة.
- سبق "ابن خلدون" علماء الجغرافيا السياسية في تحديد عناصر "دورة حياة الدولة" (النشأة، الشباب، النضج، الاضمحلال).
- تتعدد مجالات الجغرافيا السياسية لتشمل "الدولة" (المجال الرئيسي)، و "التحليل السياسي للقوة" (دراسة الصراع)، و "النظام العالمي الجديد" (دراسة التكتلات والأحلاف).
- تُعد الدولة محور دراسة الجغرافيا السياسية، حيث تركز على دراسة المقومات الطبيعية والبشرية والتنظيم الداخلي وتأثيرها على قوة الدولة.
- أدى انهيار الاتحاد السوفيتي في أواخر القرن العشرين إلى تغيرات هائلة في خريطة العالم، وظهور قوى عالمية جديدة (مثل ألمانيا واليابان).
- تُعد الجغرافيا السياسية علماً "تطبيقياً" (عملياً) حيث تسهم في حل المشكلات (مثل طابا) واقتراح حلول مناسبة لها.
- ساعد تطور وسائل الاتصال (الإنترنت) على جعل العالم "قرية كونية"، مما أثر على الجغرافيا السياسية.
- أضافت التقنيات الحديثة (الاستشعار عن بعد و GIS) أبعاداً جديدة للجغرافيا السياسية، وساعدت في توفير معلومات دقيقة ومتدفقة لاتخاذ القرارات.
(علل): لماذا تعتبر دراسة "الدولة" هي المجال الأهم والأقدم في الجغرافيا السياسية؟