تاريخ 3 ثانوي: أحوال مصر بعد خروج الحملة الفرنسية

أحوال مصر بعد خروج الحملة الفرنسية وبروز شخصية محمد علي

دراسة للفترة التي تلت جلاء الحملة الفرنسية عام ١٨٠١، والصراع السياسي الذي نشب بين القوى المختلفة (العثمانيين، الإنجليز، والمماليك)، وكيف برزت قوة الشعب المصري كلاعب رئيسي في الأحداث أدى إلى صعود محمد علي.

الصراع السياسي على مصر بعد خروج الفرنسيين

بعد خروج الحملة الفرنسية عام ١٨٠١، حدث فراغ سياسي وتنازعت على السلطة ثلاث قوى رئيسية، مما أدخل البلاد في فترة من الفوضى والاضطرابات من ١٨٠١ إلى ١٨٠٥.

القوة الأولى: العثمانيون (الأتراك)

  • الهدف: تطلع السلطان العثماني إلى إعادة بسط نفوذه وسيطرته الكاملة على مصر.
  • الإجراءات: قرر العثمانيون محاربة المماليك والقضاء عليهم. ولتحقيق ذلك، عينوا "خسرو باشا" كأول والٍ عثماني، وعملوا على إيقاع الفرقة والانقسام بين صفوف المماليك.

القوة الثانية: الإنجليز

  • الهدف: لم تكن إنجلترا تفكر في إجلاء قواتها، بل كانت تطمع في السيطرة على وادي النيل واحتلال مواقع هامة على شواطئ البحر الأحمر والمتوسط لتأمين طرق مواصلاتها إلى الهند.
  • الإجراءات: تدخلت لمنع إعدام زعماء المماليك الذين تحالفوا معهم، مما أدى لتدهور علاقتها بالسلطان العثماني. لكنها تخلت عنهم لاحقاً ونصحتهم بالخضوع للسلطان.
  • الرحيل: رحلت القوات الإنجليزية عن مصر في مارس ١٨٠٣ تطبيقاً لـ "صلح إميان".

القوة الثالثة: المماليك

  • الهدف: كانوا يطمعون في استعادة حكمهم للبلاد.
  • الإجراءات: فكروا في الاستعانة بالإنجليز ضد الأتراك، لكن الإنجليز خذلوهم وتركوهم يعيشون في وهم عودتهم للحكم، بل وطالبوهم بالخضوع للسلطان العثماني.

اختر - كان السلطان العثماني والمماليك والقضاء عليهم أحد طموحاته بعد خروج الحملة الفرنسية بسبب:
(أ) تحالفهم مع الفرنسيين. (ب) تحالفهم مع الإنجليز. (ج) علاقاتهم السياسية الطيبة بالسلطان. (د) عدم كفاءتهم في الحكم.

الإجابة: (ب) تحالفهم مع الإنجليز. (استعانة المماليك بالإنجليز ضد السلطان أثارت غضبه).

نتائج فترة الفوضى (١٨٠١ - ١٨٠٥)

أدى هذا الصراع الثلاثي إلى فترة من الفوضى والصراعات نتج عنها:

  • تعدد الولاة في فترة قصيرة، فمنهم من تعرض للسجن أو القتل.
  • تدهور الأحوال الاقتصادية وعجز الولاة عن دفع رواتب الجند، فثار الجند عليهم.
  • نجاح المماليك في طرد القوات العثمانية من القاهرة واحتلال المنيا والسيطرة على الملاحة في نهر النيل.

القوة الرابعة: الشعب المصري

من قلب هذا الصدام بين القوى الثلاث، برزت قوة جديدة لم تكن في الحسبان، وهي قوة الشعب المصري والزعامة الشعبية.

أسباب بروز قوة الشعب المصري

  • تبلورت الزعامة الشعبية ونمت خبراتها أثناء مقاومة الحملة الفرنسية.
  • اكتسب المصريون خبرات سياسية من خلال تجربة "الدواوين" التي أشركهم فيها نابليون.
  • الاطلاع على المعارف والأفكار الجديدة التي جاءت بها الحملة.
  • برزت شخصيات من العلماء والتجار والأشراف (مثل عمر مكرم) ساعدت في توجيه الأحداث.

هذه القوة الجديدة هي التي ستساعد في التخلص من الفوضى وتعيين محمد علي.

بروز شخصية محمد علي

أمام تطور الموقف العام، وخاصة أثناء ثورة الشعب ضد المماليك في القاهرة (مارس ١٨٠٤) بسبب الضرائب، خشي محمد علي (قائد فرقة الألبان والأرناؤوط) أن تصيب الثورة جنوده.

كيف كسب محمد علي عطف الشعب؟

  • الانضمام للعلماء: جاهر بالانضمام إلى العلماء والمشايخ.
  • الاختلاط بالأهالي: اختلط بالأهالي الساخطين وأوصى جنوده باحترام الشعب.
  • رفع الظلم: تعهد للعلماء ببذل قصارى جهده لرفع الضريبة عن الناس.

النتيجة: بهذه السياسة، كسب محمد علي عطف الشعب وثقة زعمائه، الذين نظروا إليه كرجل عادل يكره الظلم.

اختر - من المتوقع أن يكون الدافع الخفي وراء مهاجمة محمد علي لمراكز المماليك في القاهرة عام ١٨٠٤ هو:
(أ) كراهيته للمماليك وولاؤه للعثمانيين. (ب) مساندته للشعب المصري. (ج) تحقيق طموحاته السياسية.

الإجابة: (ج) تحقيق طموحاته السياسية. (باستغلال ثورة الشعب لصالحه).

مناورات محمد علي السياسية

عندما هاجم المماليك وهربوا للصعيد، حدث فراغ سياسي للسلطة في القاهرة. وهنا، أظهر محمد علي براعته السياسية ليثبت للجميع أنه غير طامع في الحكم:

  • اقترح إطلاق سراح "خسرو باشا" (الوالي السابق) من سجنه بالقلعة وإعادة تعيينه والياً.
  • عندما اعترضت فرقه على هذا، اقترح تعيين "خورشيد باشا" (محافظ الإسكندرية) باعتباره والياً عثمانياً، فتم الأمر.

ولاية خورشيد باشا ومحاولات التخلص من محمد علي

تولى خورشيد باشا الحكم، ولكنه لم يكن مطمئناً لموقف محمد علي المتزايد القوة والنفوذ، فسعى للتخلص منه بعدة إجراءات.

إجراءات خورشيد ضد محمد علي

  • طلب من محمد علي التوجه إلى الصعيد لمحاربة المماليك (لإبعاده عن القاهرة).
  • طلب من السلطان العثماني إرسال فرق عسكرية لتدعيم سلطته، فأرسل له فرقة "الدلاة" (المتهورين المجانين) الذين عاثوا في الأرض فساداً ونهباً.
  • طلب من السلطان استدعاء فرق الأرناؤوط والألبان (جنود محمد علي) إلى إسطنبول، فرفض محمد علي بتأييد من العلماء والزعماء.
  • استصدر فرماناً من السلطان بتعيين محمد علي والياً على "جدة" في مايو ١٨٠٥. لكن محمد علي لم يمتثل للفرمان أيضاً، مستنداً لتأييد العلماء.

ثورة الشعب المصري ضد خورشيد باشا (مايو ١٨٠٥)

أدت سياسات خورشيد باشا وأفعال جنوده (الدلاة) إلى إشعال غضب المصريين وقيام ثورة عارمة ضده.

أسباب الثورة

  • غضب المصريين ضد:
    • أعمال السلب والنهب التي قامت بها فرق الدلاة الذين استدعاهم خورشيد.
    • فرض خورشيد للضرائب الباهظة على الناس.

أحداث الثورة

  • ثار الشعب المصري واجتمع زعماء الشعب (من العلماء ونقباء الطوائف) بـ "دار المحكمة" في ١٣ مايو ١٨٠٥.
  • اتخذوا قراراً تاريخياً: عزل خورشيد باشا وتعيين محمد علي والياً على مصر بدلاً منه.

اجتماع دار المحكمة وتعيين محمد علي

يُعتبر اجتماع دار المحكمة حدثاً فاصلاً في تاريخ مصر الحديث، لأنه وضع أول "عقد اجتماعي" في مصر والوطن العربي بين الحاكم والشعب.

العهود والمواثيق (شروط الولاية)

أخذ الزعماء على محمد علي العهود والمواثيق قبل تعيينه، واشترطوا عليه:

  • أن يحكم بالعدل.
  • ألا يبرم أمراً أو يفرض ضريبة (ألا يبرم أمراً إلا بمشورتهم).

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ مصر الحديث التي يتم فيها عزل الوالي وتعيين آخر بإرادة الشعب وليس بإرادة الجيش أو السلطان.

موقف خورشيد والنتائج

  • لم يستسلم خورشيد باشا لقرار الشعب، وتحصن بالقلعة.
  • دارت المعارك، وتزعم "عمر مكرم" المقاومة الشعبية لصالح محمد علي.
  • النتيجة النهائية: رضخ السلطان العثماني لإرادة الشعب وأصدر فرماناً (٩ يوليو ١٨٠٥) يتضمن:
    1. عزل خورشيد باشا.
    2. تثبيت محمد علي والياً على حكم مصر.

اختر - هناك عقد بين الشعب والحاكم يتضمن حقوقاً وواجبات. طبق المصريون هذه العبارة في مطلع القرن الـ ١٩ عندما:
(أ) نجح محمد علي في كسب ثقة الشعب المصري. (ب) فرضوا نظاماً دستورياً وبرلمانياً في مصر. (ج) فرضوا إرادتهم الشعبية بالموافقة على محمد علي. (د) آزروا ضد فرق الدلاة العسكرية.

الإجابة: (ج) فرضوا إرادتهم الشعبية بالموافقة على محمد علي. (بشروطهم في دار المحكمة).