العقوبات السالبة للحرية | علم العقاب
العقوبات السالبة للحرية
العقوبات السالبة للحرية هي تلك العقوبات التي يفقد فيها المحكوم عليه حريته في التنقل، طيلة مدة إيداعه في إحدى المؤسسات العقابية تطبيقاً لحكم الإدانة؛ فالعقوبة السالبة للحرية تعني احتجاز المحكوم عليه في مكان معد لذلك تشرف عليه الدولة، وذلك طوال الفترة التي قضى بها الحكم.
تمهيد وتقسيم: أنواع العقوبات السالبة للحرية
تنقسم العقوبات السالبة للحرية في القانون المصري إلى أربعة أنواع رئيسية، تختلف في شدتها ومدتها والغرض منها.
التقسيم العام
العقوبات السالبة للحرية تنقسم في القانون المصري إلى أربعة أنواع:
- السجن المؤبد
- السجن المشدد
- السجن "العادي"
- الحبس
أولاً: السجن المؤبد والمشدد
السجن المؤبد والمشدد عقوبتان مقررتان للجنايات، وتجيئان بعد عقوبة الإعدام في تدرج العقوبات. وكما سلف القول، أن عقوبة السجن المؤبد حلت محل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وأن عقوبة السجن المشدد حلت محل عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة، وذلك بموجب القانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٠٣.
وقد وصفتهما المادة ١٤-١ من قانون العقوبات (المعدلة بالقانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٠٣) بأنهما "وضع المحكوم عليه في أحد السجون المخصصة لذلك قانوناً وتشغيله داخلها في الأعمال التي تعينها الحكومة، وذلك مدة حياته إن كانت العقوبة مؤبدة، أو المدة المحكوم بها إذا كانت مشددة".
اختر - بموجب القانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٠٣، حلت عقوبة "السجن المؤبد" محل عقوبة:
(أ) السجن المشدد. (ب) الأشغال الشاقة المؤبدة. (ج) الحبس البسيط. (د) الأشغال الشاقة المؤقتة.
الإجابة: (ب) الأشغال الشاقة المؤبدة.
تابع: السجن العادي والحبس
يستكمل هذا الجزء شرح الفروقات بين الأنواع المختلفة للعقوبات السالبة للحرية، خاصة السجن العادي والحبس.
التمييز بين المؤبد والمشدد
يتضح مما سبق، أنه من حيث المدة يميز القانون المصري بين نوعين:
- السجن المؤبد: وهو الذي يستغرق تنفيذه طيلة حياة المحكوم عليه.
- السجن المشدد: وهو الذي يحدد القانون مدته بين حدين أقصى وأدنى. وفقاً للمادة ١٤ من قانون العقوبات، لا يجوز أن تنقص مدة العقوبة بالسجن المؤقت عن ثلاث سنين ولا تزيد عن خمس عشرة سنة، إلا في الأحوال الخاصة المنصوص عليها قانوناً.
وتعد عقوبتا السجن المؤبد والمشدد في القانون المصري من أشد أنواع العقوبات السالبة للحرية.
ثانياً: السجن "العادي"
ويقصد به إيداع المحكوم عليه في أحد السجون العمومية المدة المحكوم بها. وتتفق عقوبة السجن مع عقوبتي السجن المؤبد والمشدد، في أنها لا تتقرر إلا بالنسبة للجنايات، كما أن الحدود الدنيا والقصوى لعقوبة السجن تتفق مع الحدود المقررة لعقوبة السجن المشدد، فتتراوح مدتها أيضاً بين ثلاث سنوات وخمس عشرة سنة.
إلا أن عقوبة السجن المشدد تتميز بالقسوة في معاملة المحكوم عليهم على عكس عقوبة السجن التي لا تنطوي على تشغيل المحكوم عليه في أعمال شاقة.
ثالثاً: الحبس
ويقصد بها وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه. وتتفق عقوبة الحبس مع السجن في أن المحكوم عليه يقضي غالباً مدة العقوبة في السجون العمومية.
ولكنهما يختلفان من حيث مدة العقوبة المقررة قانوناً؛ فعقوبة الحبس هي عقوبة مقررة للجنح وتتراوح مدتها بين أربع وعشرين ساعة وثلاث سنوات.
وعقوبة الحبس نوعان: الحبس البسيط والحبس مع الشغل. وعقوبة الحبس مع الشغل يجب أن يحكم بها القاضي كلما كانت مدة العقوبة المحكوم بها سنة، والحبس مع الشغل يلزم بتشغيل المحكوم عليه في الأشغال التي تعينها الحكومة.
اختر - الفرق الجوهري بين "السجن المشدد" و "السجن العادي" هو:
(أ) السجن المشدد للجنايات والسجن العادي للجنح. (ب) مدة السجن المشدد أطول من السجن العادي. (ج) السجن المشدد يتسم بالقسوة والمعاملة الشاقة، بينما السجن العادي لا يتضمن أعمالاً شاقة. (د) السجن المشدد لا يمكن الإفراج فيه شرطياً.
الإجابة: (ج) السجن المشدد يتسم بالقسوة والمعاملة الشاقة، بينما السجن العادي لا يتضمن أعمالاً شاقة.
العقوبات قصيرة المدة: تعريفها ومساوئها الاجتماعية
يثير تطبيق العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة جدلاً فقهياً واسعاً نظراً لمساوئها التي قد تفوق مزاياها.
تعريف العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة
تباينت الآراء حول تحديد المدة التي يمكن القول معها بأن العقوبة قصيرة المدة:
- فقد حددها البعض بخمسة عشر يوماً.
- والبعض الآخر حددها بشهر واحد، وذهب رأي إلى تحديدها بشهرين.
- والبعض اعتبرها لا تزيد على ثلاثة أشهر، والبعض الآخر حددها بستة أشهر.
- وحددها آخرون بتسعة أشهر، وقلة ذهبت إلى أن العقوبة تكون قصيرة المدة إذا كانت أقل من سنة.
وواقع الأمر أن مدة العقوبة السالبة للحرية تكون قصيرة إذا كانت غير كافية لتحقيق برنامج يهدف إلى التهذيب والإصلاح. وعلى ذلك، اعتبرت العقوبة لمدة تقل عن سنة كاملة أنها قصيرة المدة، ومن ثم تعتبر هذه المدة الحد الفاصل.
وتعد هذه العقوبات أكثر العقوبات تطبيقاً في أغلب الدول، حتى أن نسبتها بلغت في جمهورية مصر العربية حوالي ٨٢٪ من مجموع الأحكام.
أولاً: مساوئ العقوبات قصيرة المدة (الآثار الاجتماعية)
للعقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة مساوئ متعددة، فهي تسبب الكثير من الأضرار الاجتماعية وبصفة خاصة لأسرة المحكوم عليه، وقد تفسد المحكوم عليه أكثر مما تصلحه، وأخيراً قد تفشل في إصلاحه وتهذيبه.
الآثار الاجتماعية الضارة: هذه العقوبة لها آثار اجتماعية ضارة؛ فقد تقضي على مستقبل المحكوم عليه، وقد تضر بأسرته. فالمحكوم عليه يحدث له اضطراباً اجتماعياً واقتصادياً بفقد وظيفته، كما أنه قد يعجز عن الانخراط في المجتمع بعد قضاء مدة العقوبة، وقد يسلك طريق الجريمة إذا لم يجد عملاً آخر. وبالنسبة للأسرة، فإنها تفقد مصدراً للرزق مما قد يدفع بعض أبناءه للانحراف وسلوك سبيل الجريمة.
علل: للعقوبات قصيرة المدة آثار اجتماعية ضارة على أسرة المحكوم عليه.
الإجابة: لأن حبس المحكوم عليه (الذي قد يكون العائل) يؤدي إلى فقدان الأسرة لمصدر رزقها، مما يسبب لها اضطراباً اقتصادياً قد يدفع بعض أفرادها (كالأبناء) إلى الانحراف أو ارتكاب الجرائم لتأمين احتياجاتهم.
العقوبات قصيرة المدة: المساوئ والمزايا
تستكمل هذه الجزئية تحليل مساوئ العقوبات قصيرة المدة المتعلقة بالردع والإصلاح، ثم تعرض لبعض المزايا التي تبرر وجودها.
العقوبة قصيرة المدة لا تحقق الردع الخاص
من ناحية ثانية، قد تفشل العقوبة قصيرة المدة في تحقيق الردع الخاص؛ حيث أن هذه المدة غير كافية لتطبيق برنامج تأهيل وتهذيب للمحكوم عليه. كما أنها تفقد المحكوم عليه "رهبة سلب الحرية"، وبصفة خاصة إذا اعتاد عليها عن طريق الحكم عليه بعقوبات متتالية قصيرة المدة. ويؤدي ذلك إلى أنه لن يرتدع عن عقوبة طويلة المدة قد يحكم عليه بها بعد ذلك.
العقوبة قصيرة المدة تفسد المحكوم عليه
من ناحية ثالثة، هذه العقوبة قد تفسد المحكوم عليه أكثر مما تصلحه؛ وذلك بسبب اختلاطه مع المحكوم عليهم بعقوبة طويلة المدة. فهذا الاختلاط الضار سيترتب عليه أن يتعلم المجرمون الأقل خطورة "فن الإجرام" على أيدي أخطر المجرمين، ويعد ذلك عاملاً من العوامل التي قد تدفع المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية قصيرة المدة لارتكاب جريمة في المستقبل أشد من الجريمة التي دخل بسببها السجن.
ثانياً: مزايا العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة
رغم العيوب السابقة، فإن للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة مزايا تخفف من بعض أضرارها:
- (Prison Shock): من ناحية أولى، هذا النوع من العقوبات ضروري لمواجهة نوعية معينة من المجرمين، وبصفة خاصة المجرمين المبتدئين، لما تسببه لهم "صدمة السجن" (prison shock)، والتي تجعلهم يفكرون كثيراً قبل الإقدام مرة أخرى على ارتكاب الجريمة.
- الجرائم غير العمدية: من ناحية ثانية، هذه العقوبات قد تكون الجزاء المناسب لبعض الجرائم التي ترتكب نتيجة الإهمال ببعض الالتزامات التي يفرضها القانون، أو نتيجة لطيش أو رعونة أو عدم انتباه، مثال ذلك في مجال الجرائم غير العمدية كالقتل أو الإصابة الخطأ.
اختر - يُقصد بمصطلح "صدمة السجن" (Prison Shock) كأحد مزايا العقوبة القصيرة:
(أ) إفساد المحكوم عليه باختلاطه بالمجرمين. (ب) إزالة رهبة السجن لدى الجاني. (ج) ردع المجرمين المبتدئين بجعلهم يفكرون كثيراً قبل العودة للجريمة. (د) أنها غير كافية لبرنامج التأهيل.
الإجابة: (ج) ردع المجرمين المبتدئين بجعلهم يفكرون كثيراً قبل العودة للجريمة.
العقوبات المؤبدة: تعريفها ومساوئها
على الطرف النقيض من العقوبات قصيرة المدة، تبرز مشكلات العقوبات المؤبدة التي تستغرق حياة المحكوم عليه.
ماهية العقوبات السالبة للحرية المؤبدة
يقصد بالعقوبات السالبة للحرية المؤبدة، تلك العقوبات التي تستغرق حياة المحكوم عليه، أي العقوبات التي لا تنقضي إلا بوفاة السجين. فالغرض هنا أن السجين لا يخرج من المؤسسة العقابية إلا جثة، يكون قد فارق الحياة.
والعقوبة المؤبدة الوحيدة في القانون المصري هي "السجن المؤبد".
وتثير العقوبات السالبة للحرية ذات المدة الطويلة جدلاً فقهياً واسعاً.
أولاً: مساوئ العقوبة المؤبدة
انتقدت العقوبات طويلة المدة أو المؤبدة بأنها لا تحقق الردع الخاص، وأنها تتسم بالقسوة الشديدة.
العقوبات المؤبدة لا تحقق الردع الخاص: هذا النوع من العقوبات تدعو المحكوم عليه بها إلى اليأس، وتعتبر عديمة الجدوى بالنسبة له، فلا يوجد ما يدعوه للتجاوب مع برنامج الإصلاح طالما أنه لن يستفيد منها في حياة الحرية. بل إن هذه العقوبة لن تمنعه من ارتكاب جرائم أخرى داخل المؤسسة؛ إذ أنه لا يخشى من عقوبة أخرى أشد تطبق عليه أو مزية يحصل عليها.
قسوة العقوبات المؤبدة: تتسم العقوبات المؤبدة بالقسوة الشديدة، فالحكم عليه بهذه العقوبة هو في حقيقة الأمر "حكم بالموت البطيء". هذه العقوبة تصيبه باليأس الشديد إذ لا أمل له في الخروج إلى المجتمع الحر، وهذا من شأنه إصابته بالعديد من الأمراض النفسية والعقلية الخطيرة، وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة معدل الانتحار بين المحكوم عليهم بعقوبات مؤبدة.
علل: يرى النقاد أن العقوبة المؤبدة "لا تحقق الردع الخاص".
الإجابة: لأنها تدعو المحكوم عليه إلى اليأس التام من الخروج، فلا يجد أي حافز أو مصلحة في التجاوب مع برامج الإصلاح أو تحسين سلوكه، بل قد يرتكب جرائم إضافية داخل السجن لأنه لا يخشى عقوبة أشد.
الرد على منتقدي العقوبة المؤبدة (الإفراج الشرطي)
يرد أنصار الإبقاء على العقوبة المؤبدة على الانتقادات الموجهة لها، معتبرين أن نظام الإفراج الشرطي يعالج هذه المساوئ.
الرد على منتقدي العقوبة المؤبدة
وحقيقة الأمر أن هذه الانتقادات مبالغ فيها. فالقول بأن العقوبة السالبة للحرية ذات المدة الطويلة عديمة الجدوى ولا يوجد ما يدعو المحكوم عليه بها للتجاوب مع برنامج الإصلاح... هو قول مبالغ فيه.
السبب في ذلك هو أن التشريعات الجنائية المختلفة حرصت على النص على "جواز الإفراج عن المحكوم عليه بعد قضاء مدة معينة من العقوبة".
نظام الإفراج الشرطي
مثال ذلك ما ينص عليه التشريع المصري من جواز الإفراج عن المحكوم عليه بهذه العقوبة (السجن المؤبد) متى مضت عليه مدة عشرين سنة على الأقل (المادة ٢/٥٢)، إذا توافرت شروط معينة، أهمها حسن السير والسلوك.
ولا شك أن ذلك سوف يؤدي إلى تشجيع المحكوم عليه على إتباع سلوك قويم للحصول على الإفراج الشرطي، مما يؤدي إلى تحقيق أهم أغراض العقوبة وهي تأهيل وإصلاح المجرم.
تحقيق باقي أغراض العقوبة
فضلاً عن ذلك، فإنه لا يمكن تجاهل الأغراض الأخرى لهذه العقوبة وهي تحقيق العدالة، أي إرضاء الشعور العام في عدالة الجزاء، والردع العام، وذلك بتخويف العامة من الإقدام على ارتكاب مثل هذه الجرائم.
اختر - وفقاً للتشريع المصري، ما هو الحافز الرئيسي الذي يدفع المحكوم عليه بالسجن المؤبد للتجاوب مع برامج الإصلاح؟
(أ) الخوف من عقوبة الإعدام. (ب) ارتفاع معدل الانتحار. (ج) إمكانية الحصول على الإفراج الشرطي بعد ٢٠ سنة لحسن السير والسلوك. (د) الحكم عليه بالموت البطيء.
الإجابة: (ج) إمكانية الحصول على الإفراج الشرطي بعد ٢٠ سنة لحسن السير والسلوك.