الدرس الثالث أثر الوجود الفرنسي في مصر - تاريخ 3 ث
أثر الوجود الفرنسي في مصر (١٧٩٨ - ١٨٠١)
لم تكن الحملة الفرنسية مجرد حملة عسكرية، بل كان لها آثار عميقة غيّرت ملامح المجتمع المصري. نستعرض هنا الآثار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية التي تركتها الحملة.
الآثار السياسية (نظام الحكم والدواوين)
عمل نابليون على تنظيم أمور الإدارة والحكم في مصر على نمط ما حدث في فرنسا بعد الثورة. كان أبرز مظاهر هذا التغيير هو إشراك "الطبقة الوسطى" (الأعيان والعلماء) في الدواوين.
أهداف نابليون من إنشاء الدواوين
رأى نابليون أن إشراك الأعيان والعلماء هو أفضل وسيلة لتخطيط سياسات الحكم، لما لهم من نفوذ ومكانة مرموقة بين الأهالي. كان هدفه المعلن هو تدريبهم على نظام الشورى، لكن هدفه الحقيقي كان:
- التعرف على ما يدور في أذهان صفوة المصريين لتسهيل تمرير سياساته.
- تثبيت سلطته بمساعدة هذه الطبقة. (لم يكن نقلاً حقيقياً للسلطة بل كان شكلياً).
علل - سعى نابليون إلى نقل السلطة في مصر إلى الطبقة الوسطى (الأعيان والعلماء):
(أ) للاستفادة من خبرتهم الإدارية. (ب) مساعدتهم له في حربه ضد العثمانيين. (ج) مساعدتهم على تنفيذ سياساته. (د) الانتقام من المماليك والعثمانيين.
الإجابة: (ج) مساعدتهم على تنفيذ سياساته. (لارتباطه بهم ومعرفة ما يدور في أذهانهم).
ديوان القاهرة
- تكوينه: يتألف من ٩ أعضاء من المشايخ والوجهاء.
- وظيفته: التداول في أحوال العاصمة ومناقشة أمورها.
دواوين الأقاليم
- تكوينه: في كل مديرية (محافظة) ديوان مكون من ٧ أعضاء.
- وظيفته:
- النظر في المصالح والشكاوى.
- منع المشاحنات بين القرى.
- جباية (جمع) الأموال والضرائب المقررة على الأهالي.
الديوان العام (يمثل السلطة المركزية العليا)
- تكوينه: يتشكل من أعضاء دواوين القاهرة والأقاليم، بواقع ٩ مندوبين عن كل مديرية (٣ علماء، ٣ تجار، ٣ من مشايخ القرى ورؤساء العربان).
- رئيسه: تم اختيار الشيخ "عبدالله الشرقاوي" (من علماء الأزهر) بالاقتراع السري (بالانتخاب).
- هدفه: تدريب الأعيان المصريين على نظام مجالس الشورى والاستشارة في مجالات القضاء والمواريث والملكية العقارية والضرائب.
الآثار الاقتصادية (الزراعة والصناعة)
أحدثت الحملة تغييرات واضحة في الاقتصاد المصري، خاصة بعد أن تولى "مينو" قيادة الحملة.
في مجال الزراعة
انتعشت الزراعة في مصر أثناء الحملة الفرنسية، بسبب الإجراءات التالية:
- قيام علماء الحملة بدراسة مجرى النيل وفحص القنوات والجسور.
- تخصيص جزء من الأراضي الزراعية العامة لإنتاج الغلات التي تحتاجها فرنسا (لإطعام الجيش).
- أجريت تجارب لزراعة البن وقصب السكر.
- إنشاء حديقة لزراعة النباتات المجلوبة من فرنسا (مثل الخوخ، الكمثرى، المشمش، التفاح).
- الاهتمام بزراعة الغلات التقليدية الموجودة (الأرز، القمح، الذرة).
اختر - تمثل الهدف الرئيسي من مجهودات علماء الحملة الفرنسية بمجال الزراعة في تلبية احتياجات فرنسا، وتحقق هذا الهدف بسبب:
(أ) فشل الحملة الفرنسية في مصر أصلاً. (ب) نتائج موقعة أبي قير البحرية ١٧٩٨م. (ج) نتائج موقعة أبي قير البرية ١٧٩٩م. (د) إهمال الفلاح المصري لأمور الزراعة.
الإجابة: (ب) نتائج موقعة أبي قير البحرية ١٧٩٨م. (لأنها قطعت الإمدادات من فرنسا، فكان لا بد من توفير الغذاء محلياً).
في مجال الصناعة (في عهد مينو)
اقترح "مينو" تطوير الصناعة في مصر، فقام بـ:
- إنشاء مصانع للنسيج، والحدادة، والساعات، والدباغة، وحروف الطباعة.
- لم تضم هذه المصانع عمالاً مصريين، حتى لا تتسرب إليهم أسرار الصناعة الفرنسية (عنصرية صناعية).
- إنشاء طواحين هواء.
- إصلاح دار صناعة السفن (الترسانة) التي كان قد أنشأها مراد بك في الجيزة.
اختر - اقترح مينو آلية لإنتاج المصانع الفرنسية بمصر تعتمد على عمال مصريين، يدل رفضه على:
(أ) عدم رغبة المصريين في معرفة الصناعة. (ب) ارتباط الصناعة بالمعدات العسكرية. (ج) رغبته في استمرار التفوق الحضاري لفرنسا. (د) حاجة المصريين للنشاط الزراعي.
الإجابة: (ج) رغبته في استمرار التفوق الحضاري لفرنسا.
تابع: الآثار الاقتصادية (التجارة)
عانت التجارة من الركود في عهدي نابليون وكليبر، لكنها بدأت في الانتعاش في عهد مينو.
أسباب ركود التجارة (في عهد نابليون وكليبر)
- حصار الأسطول الإنجليزي للشواطئ المصرية (البحر المتوسط).
- وجود الجيش العثماني في سوريا (قطع طريق التجارة الشمالي الشرقي).
جهود مينو لإحياء التجارة
على عكس نابليون وكليبر، اهتم "مينو" بإحياء التجارة الخارجية، فقام بـ:
- فتح أسواق لمصر في بلاد البحر الأحمر، حيث سارت المراكب بين جدة وينبع والسويس، محملة بالأنسجة القطنية والشيلان الصوفية والحرير والبن.
- كان نابليون أول من بدأ سياسات التفاهم مع شريف مكة.
- تضمن برنامج مينو إجراء علاقات مع "سنار" و"دارفور" في السودان، والحبشة، وبلدان شمال أفريقيا.
اختر - اهتم مينو بإحياء التجارة الخارجية لمصر من أجل:
(أ) تهديد مصالح إنجلترا التجارية. (ب) إقامة علاقات سياسية مع دول الجوار. (ج) دعم أحوال فرنسا الاقتصادية. (د) دعم بقاء الحملة الفرنسية في مصر.
الإجابة: (د) دعم بقاء الحملة الفرنسية في مصر. (عن طريق توفير الموارد اللازمة لها بعد انقطاعها عن فرنسا).
الآثار الاجتماعية (الصحة العامة والقضاء)
امتدت آثار الحملة لتشمل جوانب اجتماعية هامة كالصحة وتنظيم القضاء.
في مجال الصحة العامة
- تم إنشاء محاجر صحية (حجر صحي) في القاهرة والإسكندرية ودمياط ورشيد.
- تم إنشاء مستشفى عسكري.
في مجال القضاء (إصلاحات نابليون)
أجرى نابليون تغييراً في نظام القضاء الشرعي بعد عودته من حملة عكا:
- جعل العلماء المصريين يتولون القضاء بطريقة الانتخاب فيما بينهم، بدلاً من القضاة الأتراك (لفصل مصر عن النفوذ العثماني).
- حدد رسوم التقاضي بواقع ٢٪ من قيمة المتنازع عليه (بعد أن كانت متروكة للأهواء).
في مجال القضاء (إصلاحات مينو)
- قرر "مينو" رفض مبدأ "الدية" (دفع المال كتعويض عن القتل) وترك الأمر لأحكام القضاء.
- أنشأ محكمة لكل طائفة من الطوائف الموجودة آنذاك (مثل الأقباط، الشوام، الروم، اليهود).
اختر - ارتبطت الإصلاحات الجذرية لنابليون في مجال القضاء المصري بـ:
(أ) تدريب زعماء المصريين على مبدأ الشورى. (ب) نشر العدل والأمان في مصر. (ج) تبعيات تحالفات الدولة العثمانية. (د) نشر مبادئ الثورة الفرنسية.
الإجابة: (ج) تبعيات تحالفات الدولة العثمانية. (لأنه قام بها بعد عودته من عكا، أي بعد التحالف العثماني الإنجليزي الروسي ضده، فأراد قطع صلة مصر بالقضاة الأتراك).
الآثار الفكرية والعلمية (المجمع العلمي)
تُعد الآثار الفكرية والعلمية أبرز إنجازات الحملة الفرنسية، حيث جاء مع الحملة مجموعة كبيرة من علماء فرنسا (١٤٦ عالماً) في مختلف فروع العلوم، بالإضافة إلى فنانين ومصورين ورسامين وموسيقيين.
إنشاء المجمع العلمي المصري
أقام نابليون "المجمع العلمي المصري" على غرار المجمع العلمي الفرنسي في باريس، والذي كان نابليون نفسه عضواً به.
أهداف نابليون من إنشائه
- العمل على تقدم العلوم والمعارف في مصر.
- دراسة المسائل الطبيعية والصناعية والتاريخية ونشرها.
- إبداء الرأي العلمي للحكومة في المسائل التي تستشيره فيها (أي ربط السياسة بالعلم).
إنجازات المجمع العلمي
- إنشاء مطبعة عربية وأخرى فرنسية.
- إصدار جريدتين فرنسيتين (إحداهما سياسية والأخرى علمية اقتصادية).
- أصدر "مينو" جريدة باللغة العربية (جريدة التنبيه).
علل - استخدام جريدة (التنبيه) لإصدار الأوامر والقرارات الإدارية وتوضيح أغراض الحكومة وتحذير الناس من الاستماع لأصحاب الميول المعادية للفرنسيين:
يدل ذلك على استخدام "الإعلام السياسي" كوسيلة لفرض السيطرة وتوجيه الرأي العام لخدمة أهداف الاحتلال.
تابع: الأعمال الكبرى لعلماء الحملة
بالإضافة إلى المجمع العلمي، ترك علماء الحملة ثلاثة أعمال كبرى كان لها تأثير هائل:
محاولة شق قناة تربط بين البحرين
- هي محاولة لشق قناة (فيما يُعرف الآن بقناة السويس) لربط البحر الأحمر بالمتوسط.
- لم تنجح المحاولة بسبب خطأ في حسابات مستوى مياه البحرين (ظنوا أن البحر الأحمر أعلى من المتوسط).
تأليف كتاب "وصف مصر"
- يعتبر أول موسوعة عصرية ضخمة وشاملة عن مصر، سجلت كل جوانب الحياة والتاريخ والآثار والجغرافيا المصرية.
العثور على حجر رشيد
- تم العثور عليه أثناء تجهيز التحصينات في مدينة رشيد.
- مكن هذا الحجر العالم الفرنسي "شامبليون" من فك رموز اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية).
- النتيجة: فتح أبواب دراسة التاريخ المصري القديم (علم المصريات).
الأثر العام للوجود الفرنسي (الصدمة الحضارية)
تعتبر الحملة الفرنسية - بغض النظر عن وجهها العسكري كاحتلال - بمثابة "صدمة حضارية وثقافية" للمصريين.
الدليل على ذلك
- فكرة الدواوين (الأثر السياسي): نبهت فكرة الدواوين المصريين إلى فكرة المشاركة في الحكم، بدلاً من الحكم المطلق المستبد الذي اعتادوا عليه.
- المجمع العلمي (الأثر العلمي): كان المجمع العلمي بكل إنجازاته نافذة أطل منها المصريون على ما يدور في أوروبا من تقدم في العلوم والأفكار.
- الحياة الاجتماعية (الأثر الاجتماعي): نبهت الحياة الاجتماعية للفرنسيين أذهان المصريين إلى وجود أنماط من الحياة والعلاقات تختلف عن تقاليد المجتمع الشرقي، مما دفع البعض إلى محاكاة هذا النوع من الحياة.
اختر - أحدثت الحملة الفرنسية تغييرات جذرية في المجتمع المصري نتيجة:
(أ) الإنجازات العلمية لعلماء الحملة. (ب) المشاركة في دواوين الحكم للحملة. (ج) مقارنة المصريين في المجمع العلمي. (د) الاطلاع على تقاليد الحياة الأوروبية.
الإجابة: (أ) الإنجازات العلمية لعلماء الحملة. (مثل كتاب وصف مصر وحجر رشيد التي كان لها الأثر الأعمق).