أنواع المؤسسات العقابية | علم العقاب
أنواع المؤسسات العقابية
تهتم الدول بإنشاء أنواع متعددة من المؤسسات العقابية بغرض توفير أكبر عدد منها بما يتناسب ويتلاءم مع نظم المعاملة العقابية الحديثة ولضمان حسن تطبيقها على الوجه الأمثل. وترتبط صورة المؤسسات العقابية - أي السجون - في الأذهان بأنها ذلك المكان المغلق الذي يحجز فيه المحكوم عليهم في مكان بعيد عن باقي أفراد المجتمع، إلى أن تنقضي مدة العقوبة المحكوم بها عليهم، فيفرج عنهم ويعودون إلى الحياة في المجتمع الحر مرة أخرى.
المؤسسات العقابية المغلقة
تمثل المؤسسات العقابية المغلقة الصورة التقليدية للسجون. وقد قامت هذه المؤسسات التقليدية على فكرة مؤداها أن المجرم هو شخص يمثل خطورة كبيرة على المجتمع، وأنه عدو له، ويتعين للوقاية من شره وتجنب ضرره، أن يتم عزله عن هذا المجتمع حتى يقضي فترة العقوبة المحكوم بها عليه.
خصائص المؤسسات العقابية المغلقة
انطلاقاً من الفكرة الأساسية السابقة التي تقوم عليها المؤسسات العقابية المغلقة، فإنها تتميز بالعديد من الخصائص أهمها ما يلي:
- البعد عن المدن وإقامتها في أماكن نائية.
- علو أسوارها وإحاطتها بالأسلاك.
اختر - الفكرة الأساسية التي قامت عليها "المؤسسات العقابية المغلقة" هي:
(أ) إصلاح وتأهيل المحكوم عليه. (ب) أن المجرم ضحية المجتمع ويجب علاجه. (ج) أن المجرم يمثل خطورة ويجب عزله عن المجتمع للوقاية من شره. (د) توفير نفقات مالية قليلة للدولة.
الإجابة: (ج) أن المجرم يمثل خطورة ويجب عزله عن المجتمع للوقاية من شره.
خصائص وتقييم المؤسسات المغلقة
تستكمل هذه الخصائص الصورة التقليدية للسجون القائمة على الحراسة المشددة.
تابع: خصائص المؤسسات المغلقة
- إحاطتها بعدد كبير من الحراس لمنع هروب المحكوم عليهم من الهرب، والتصدي بكل قوة وشراسة لأي محاولة للقيام بذلك.
- يطبق نظامها يتسم بالشدة والصرامة، ويكفل تجنب إخلال المحكوم عليهم بالنظم واللوائح الداخلية، مع توقيع جزاءات تأديبية قاسية في حالة وقوع مخالفة لهذه النظم واللوائح.
- هجر المحكوم عليهم على الخضوع لأساليب وبرامج المعاملة العقابية.
وعلى الرغم من تطور أساليب المعاملة العقابية في الكثير من الدول، وأخذها بأنواع أخرى من المؤسسات العقابية، كالمؤسسات العقابية المفتوحة وشبه المفتوحة، إلا أنه مع ذلك غالباً ما يتم الإبقاء على عدد من المؤسسات العقابية المغلقة، أي السجون في صورتها التقليدية، والتي تخصص للمجرمين عليهم يصدق طولها، أو المجرمين المعتادين على الإجرام؛ حيث تتطلب معاملتهم العقابية نوعاً من الصرامة والشدة، والتي تصل في بعض الأحيان إلى حد القسوة.
تقييم المؤسسات العقابية المغلقة
المزايا: إن هذا النوع من المؤسسات بخصائصها السابقة تصلح لإيواء المجرمين أصحاب السمات الإجرامية الكبيرة، كمرتكبي الجرائم الخطيرة، أو المعتادين على الإجرام، فمثل هؤلاء لا يصلح معهم إلا أسلوب المعاملة الصارمة، القاسية، من ناحية أولى، لمنعهم من الهرب، ومن ناحية ثانية، لكي يشعروا برهبة العقوبة، فيتحقق بذلك الردع الخاص كغرض من أغراض العقوبة.
العيوب:
- أن قسوة وصرامة النظام العقابي المغلق يؤدي إلى أن يفقد المحكوم عليه ثقته بنفسه، بالإضافة إلى إصابته بكثير من الأمراض البدنية والنفسية والعقلية. وهذا يقلل من فرص نجاح أساليب المعاملة العقابية، ومن فرص إعادة تأهيله وإصلاحه.
- تكلف هذه المؤسسات الدولة تكاليف مالية باهظة، بالنظر إلى طبيعة المباني، وما تتطلبه من أسوار عالية، وضرورة توافر عدد كبير من الحراس، والموظفين والإداريين.
علل: لماذا تعتبر المؤسسات العقابية المغلقة ذات تكلفة مالية باهظة على الدولة؟
الإجابة: لأنها تتطلب طبيعة مبانٍ خاصة (مثل الأسوار العالية والأسلاك)، بالإضافة إلى ضرورة توفير عدد كبير من الحراس والموظفين الإداريين لضمان الحراسة المشددة وتطبيق النظام الصارم.
المؤسسات العقابية المفتوحة (الفكرة والهدف)
تقوم فكرة المؤسسات العقابية المفتوحة على عكس فكرة المؤسسات العقابية المغلقة تماماً؛ فهذه المؤسسات لا تلجأ إلى وسائل الأمن والحراسة من أجل الحيلولة دون هروب نزلائها، وإنما تقوم على إقناعهم بأن الهرب ليس في مصلحتهم.
فكرة المؤسسات العقابية المفتوحة
جوهر هذه المؤسسات يقوم على أساس وجود نوع من الثقة المتبادلة بينها وبين نزلائها. وعلى ذلك فالمؤسسات العقابية المفتوحة لا تستعين بأي عوائق مادية تحول دون المحكوم عليهم وبين الهرب، أو تضع حواجز أو معوقات مادية بين المحكوم عليهم وبين العالم الخارجي.
والمؤسسات العقابية المفتوحة تتخذ في أغلب الحالات شكل المستعمرات الزراعية، وتتميز أبنيتها بالبساطة بحيث تكون أقرب إلى مباني العمال في مباني السجون.
الهدف الأساسي للمؤسسات المفتوحة
تعتبر المؤسسات العقابية المفتوحة أحدث صور السجون في العالم، وتعبر بصورة واضحة عن مدى التطور الذي لحق بمفهوم العقوبة والمعاملة العقابية؛ فلم يعد الغرض من العقوبة مجرد إيلام المجرم وإيلامه، وإنما أصبح الهدف الأساسي والغرض الرئيسي هو إعادة إصلاح المحكوم عليه وتهذيبه وتأهيله، لكي يعود مرة أخرى إلى المجتمع الحر إنساناً صالحاً، وقادراً على التكيف مع أفراد المجتمع الذي يعيش فيه.
اختر - تقوم فلسفة "المؤسسات العقابية المفتوحة" على:
(أ) الأسوار العالية والحراسة المشددة. (ب) الثقة المتبادلة بين النزلاء والإدارة وعدم وجود عوائق مادية. (ج) إيلام المجرم لضمان عدم عودته للجريمة. (د) البعد عن المدن في أماكن نائية تماماً.
الإجابة: (ب) الثقة المتبادلة بين النزلاء والإدارة وعدم وجود عوائق مادية.
لمحة تاريخية وخصائص المؤسسات المفتوحة
ترجع نشأة المؤسسات العقابية المفتوحة إلى أواخر القرن التاسع عشر، حيث ظهرت في سويسرا سنة ١٨٩١ على يد "كل هالس" الذي أنشأ مؤسسة أطلق عليها مؤسسة "فرترن"، وكان الغرض من إنشائها التقريب بين الحياة داخل السجون والعالم الخارجي، وإشعار المحكوم عليه بكراهيته، حتى يمكن للعقوبة أن تؤدي دورها في تأهيل المحكوم عليه وإصلاحه.
لمحة عن تاريخ المؤسسات العقابية المفتوحة
لم يكن انتشار المؤسسات العقابية المفتوحة بعد ذلك مقصوداً في حد ذاته كأحد الحلول والأساليب المتبعة في المعاملة العقابية، وإنما كان وليداً للضرورات العملية أثناء الحرب العالمية الثانية؛ فأثناء هذه الحرب تزايدت أعداد المحكوم عليهم في الدول الأوربية لارتكابهم جرائم التعاون مع العدو ومساعدته، وكذلك الجرائم الأخرى المرتبطة بالحرب. فضاقت المؤسسات العقابية المغلقة التقليدية بنزلائها، وشحت الموارد المالية اللازمة لبناء السجون التقليدية، فدفع ذلك العديد من الدول الأوربية إلى إنشاء معسكرات ومستعمرات لإيواء الأعداد الهائلة من المحكوم عليهم.
وقد أوصت المؤتمرات الدولية المختلفة بالأخذ بنظام المؤسسات العقابية المفتوحة، مثل مؤتمر لاهاي الجنائي والعقابي الذي عقد في عام ١٩٥٠، ومؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة ومعاملة المذنبين الذي عقد في جنيف عام ١٩٥٥.
خصائص المؤسسات العقابية المفتوحة
يتميز نظام المؤسسة العقابية المفتوحة بالعديد من الخصائص، والتي تتناسب مع المفاهيم الحديثة في المعاملة العقابية. وأهم هذه الخصائص هي:
- عدم الاستعانة بأساليب التحفظ العادية التي تحول بين النزلاء والهرب، مثل القضبان الحديدية، والأسوار العالية، أو الكلاب البوليسية، أو ضخامة عدد الحراس.
- العمل خلق نوعاً من الثقة المتبادلة بين النزلاء وبين إدارة السجن، وتبصيره المحكوم عليهم بأهمية أساليب التأهيل المقررة في مواجهتهم.
- عدم الالتجاء إلى وسائل القهر والفعل لحمل النزلاء على الخضوع لنظام المؤسسة، أو لأساليب التأهيل المقررة.
- الاعتماد بصفة أساسية على أساليب معنوية بحتة، للترغيب لا للترهيب، عند تطبيق أساليب وبرامج التأهيل.
- العمل على تنمية الإمكانات والقدرات الفردية، وغرس القيم الطيبة والنبيلة في نفوس المحكوم عليهم.
علل: لماذا انتشرت المؤسسات العقابية المفتوحة (المعسكرات) بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية؟
الإجابة: بسبب التزايد الهائل في أعداد المحكوم عليهم (خاصة جرائم التعاون مع العدو)، مما أدى إلى ضيق المؤسسات المغلقة التقليدية، وفي نفس الوقت شحت الموارد المالية اللازمة لبناء سجون تقليدية جديدة، فكانت المعسكرات المفتوحة حلاً عملياً واقتصادياً.
عوامل نجاح ومعايير اختيار نزلاء المؤسسات المفتوحة
يتوقف نجاح المؤسسات العقابية المفتوحة في أداء دورها التهذيبي والإصلاحي على نوعين من العوامل.
عوامل نجاح المؤسسات المفتوحة
- النوع الأول: يتعلق بالعاملين القائمين داخلها؛ فيتعين حسن اختيار موقع العمل، وأن يكون العمل فيها متلائم مع برامج التأهيل، وأن يكون العاملون فيها من موظفين وإداريين على قدر مناسب من الإلمام بالأساليب الحديثة في علم الإجرام والعقاب. فبحسن سلوكهم، يستطيعوا إقامة نوعاً من الصداقة بينهم وبين النزلاء، فيمكنهم بذلك التأثير عليهم أخلاقياً وتربوياً، وبالتالي تزداد فرص نجاح برامج التأهيل والتهذيب.
- النوع الثاني: يتعلق بكيفية اختيار النزلاء أنفسهم. فنجاح المؤسسة المفتوحة يتوقف على كيفية اختيار النزلاء، وكيفية اختبارهم، وقبولهم، وعلى الضوابط والمعايير التي قبل بها لكيفية اختيار نزلاء المؤسسة العقابية المفتوحة.
ضوابط ومعايير اختيار نزلاء المؤسسات المفتوحة
يمكننا تأصيل الضوابط أو المعايير التي قال بها العلماء لاختيار نزيل المؤسسة العقابية المفتوحة إلى ثلاثة ضوابط:
- أولاً: المعيار الزمني: وفقاً لهذا المعيار يتعين قضاء المحكوم عليه فترة زمنية معينة في المؤسسة العقابية المغلقة أولاً، وقبل الإفراج عنه بمدة معينة ينقل إلى المؤسسة العقابية المفتوحة، حتى يستطيع التعود على الحياة الكريمة بعد خروجه من السجن.
- ثانياً: المعيار المادي: وفقاً لهذا المعيار يتعين النظر إلى مدة العقوبة المحكوم بها، فإذا كانت المدة طويلة وضع المحكوم عليه في مؤسسة عقابية مغلقة، وإذا كانت قصيرة فإنه يودع في مؤسسة عقابية مفتوحة.
- ثالثاً: المعيار الشخصي: وفقاً لهذا المعيار يتعين فحص وتصنيف المحكوم عليهم أولاً، بحيث لا يودع في المؤسسة المفتوحة إلا الشخص الذي يثبت من خلال الفحص والتصنيف ودراسة شخصيته، جدارته بالإيداع في مثل هذه المؤسسات. وهذا الضابط هو الرابط بين المادي والزمني.
اختر - "المعيار الزمني" لاختيار نزلاء المؤسسة المفتوحة يعني:
(أ) إيداع أصحاب العقوبات القصيرة فقط. (ب) إيداع أصحاب العقوبات الطويلة فقط. (ج) إيداع النزيل في مؤسسة مفتوحة بعد أن يقضي جزءاً من عقوبته في مؤسسة مغلقة. (د) فحص شخصية النزيل وجدارته.
الإجابة: (ج) إيداع النزيل في مؤسسة مفتوحة بعد أن يقضي جزءاً من عقوبته في مؤسسة مغلقة.
مميزات وانتقادات المؤسسات المفتوحة
يتميز نظام المؤسسات العقابية المفتوحة بالعديد من المميزات، والتي عرضنا لبعضها فيما سبق. ولكنها تعرضت أيضاً للانتقادات. نتناول هنا أهم المميزات والانتقاد الوحيد لها.
أولاً: مميزات المؤسسات العقابية المفتوحة
- تسهم المؤسسات العقابية المفتوحة بدور هام وفعال في تحقيق أغراض العقوبة.
- تتميز إدارتها للسجن للنزيل، بالإضافة إلى القدر الكبير من الحرية والمعاملة الطيبة التي يتمتع بها.
- تداخل النزيل المؤسسة المفتوحة من الحياة الطبيعية، كلما حانت الفرصة.
- تحافظ لدى المحكوم عليه بالاعتماد بالنفس، والندم على الجريمة التي ارتكبها.
- تساعد النزيل في أغلب الأحوال على إتباع السلوك القويم داخل المؤسسة.
- لا يفقد المميزات التي يتمتع بها، والتي تختلف تماماً عما لو كان نزيلاً في مؤسسة عقابية مغلقة.
- كل هذه الأمور تؤدي إلى ازدياد فرص نجاح برامج التأهيل والتهذيب.
- تحفظ المؤسسات العقابية المفتوحة على نزلائها صحتهم البدنية والنفسية والعقلية؛ فالحياة داخل المؤسسات العقابية المفتوحة إلى حد كبير من الحياة الطبيعية، ولا يتعرض النزيل داخلها لقسوة أو صرامة.
- المؤسسات العقابية المفتوحة لا تكلف الدولة نفقات مالية باهظة؛ فهي - بعكس المغلقة - لا تحتاج إلى مبانٍ من نوع خاص، أو أسوار عالية، أو عدد ضخم من الحراس والإداريين والموظفين.
ثانياً: انتقاد المؤسسات العقابية المفتوحة (والرد عليه)
الانتقاد: يكاد يكون الانتقاد الوحيد الموجه إلى نظام المؤسسات العقابية المفتوحة أنها قد تغري أو تشجع المحكوم عليهم على الهرب؛ فعدم وجود أسوار عالية أو أسلاك، أو كلاب بوليسية، بالإضافة إلى قلة عدد الحراس، كلها أمور قد تغري المحكوم عليهم على الهرب من المؤسسة العقابية المفتوحة.
الرد على الانتقاد: لكن يقلل من قيمة هذا الانتقاد:
- أن نزيل المؤسسة العقابية المفتوحة يخضع للكثير من دراسات الفحص والتصنيف قبل إقرار إيداعه فيها، ومن ثم يتم اختياره بعناية شديدة، ليكون جديراً للخضوع لهذا النوع من النظام.
- ومن ناحية ثانية، فالمميزات الكثيرة التي يجدها نزيل المؤسسة العقابية المفتوحة تجعله يفكر كثيراً قبل الهرب منها، لأنه في هذه الحالة، وبعد أن يتم القبض عليه، سيتم إيداعه في مؤسسة عقابية مغلقة، ويخضع لنظامها القاسي والصارم. وهو بكل تأكيد يعرف ما بين النظامين من اختلافات، وبالتالي قد لا يغامر بالتضحية بكل هذه المميزات ويحاول الهرب.
علل: لماذا لا يعتبر "خطر الهروب" انتقاداً قوياً للمؤسسات المفتوحة؟
الإجابة: لسببين: الأول، أن النزلاء يتم اختيارهم وفحصهم بعناية شديدة قبل قبولهم. الثاني، أن النزيل يدرك أنه سيخسر المميزات الكثيرة (كالحرية والمعاملة الطيبة) وسيتم نقله إلى مؤسسة مغلقة ذات نظام قاسٍ وصارم إذا حاول الهرب، وهذا يمثل رادعاً قوياً له.