الجهات القائمة على التنفيذ العقابي | علم العقاب

الجهات القائمة على التنفيذ العقابي

بداهة يتطلب تنفيذ الجزاءات الجنائية السالبة للحرية وجود إدارة عقابية تتولى الإشراف على تنفيذ هذه الجزاءات، وتقوم بفرض برامج المعاملة العقابية على المحكوم عليهم. وفي العصر الحديث ازدادت أهمية الدور الذي تلعبه الإدارة العقابية؛ من ناحية أولى، نظراً للتقدم الكبير في مجالات الدراسات العقابية وتطور أغراض العقوبة، ومن ناحية ثانية نظراً لضخامة المؤسسات العقابية وتزايد أعدادها، وما تثيره إدارتها من مشكلات متعددة.

الإدارة العقابية المركزية واختصاصاتها

إلى جانب الإدارة العقابية المركزية ذات الاختصاص العام في الإشراف على التنفيذ العقابي، يوجد عدد من الوحدات الإدارية يعهد إليها بمهام التنفيذ العقابي، وهذه المؤسسات يطلق عليها في دراسات وأبحاث علم العقاب مصطلح "المؤسسات العقابية"، أما التعبير الشائع لها لدى عامة الناس فهو تعبير أو مصطلح "السجون".

تمهيد: الإدارة العقابية المركزية

يقصد بالإدارة العقابية المركزية، تلك الإدارة التي تهيمن على كافة المؤسسات العقابية في الدولة. فالإدارة العقابية لا تقتصر على وجود مجموعة من المؤسسات العقابية - أي السجون - لها تشكيلها واختصاصاتها، بل توجد على قمة هذه المؤسسات العقابية، إدارة عقابية مركزية، تهيمن عليها، وتتولى رقابتها، وتقوم بالتنسيق فيما بينها.

اختصاصات الإدارة العقابية المركزية

تتولى الإدارة العقابية المركزية، القيام بالكثير من المهام والاختصاصات أهمها ما يلي:

  1. رسم السياسة العقابية العامة في ضوء النظريات الحديثة في المعاملة العقابية وظروف المجتمع.
  2. مراقبة سير العمل داخل المؤسسات العقابية لضمان تنفيذ سياستها العامة.
  3. تحديد الاختصاصات المختلفة لكل مؤسسة على حدة، وكيفية توزيع المحكوم عليهم بينها.
  4. تدريب العاملين في المؤسسات العقابية.
  5. القيام بالبحوث العقابية التي تستهدف تقويم السياسة العقابية القائمة والعمل باستمرار على تطويرها.
  6. إدارة وتنظيم الجانب الاقتصادي داخل المؤسسات العقابية، مثل تنظيم العمل داخل هذه المؤسسات، والقيام على تصريف المنتجات والعمليات التي يتم إنتاجها بداخلها.
  7. الاهتمام بالرعاية اللاحقة على الإفراج عن المحكوم عليهم، عن طريق توفير فرص العمل الشريفة لهم.

اختر - تتمثل المهمة الرئيسية للإدارة العقابية المركزية في:
(أ) حراسة سجن واحد فقط. (ب) رسم السياسة العقابية العامة للدولة والإشراف على جميع المؤسسات العقابية. (ج) القيام بالرعاية اللاحقة للمفرج عنهم فقط. (د) تدريب العاملين الجدد فقط.

الإجابة: (ب) رسم السياسة العقابية العامة للدولة والإشراف على جميع المؤسسات العقابية.

تطبيق الإدارة العقابية المركزية في مصر

يطلق على الإدارة العقابية المركزية في مصر تعبير "مصلحة السجون". وقد أكد المشرع المصري في قانون تنظيم السجون على رقم ٣٩٦ لسنة ١٩٥٦ على الدور الذي تقوم به مصلحة السجون في الإشراف على السجون والتفتيش عليها.

الإطار القانوني في مصر

نص في المادة (٨٣) منه على أن "يكون لمصلحة السجون مفتشون ومفتشات للتفتيش على السجون للتحقق من استيفاء شروط النظافة والصحة والأمن داخل السجن، ومن تنفيذ كافة النظم الموضوعة للسجون، ويرفعون تقاريرهم في هذا الشأن إلى مدير عام مصلحة السجون".

المؤسسات العقابية (السجون)

يضم التشكيل الإداري للمؤسسة العقابية جهاز إداري مكون من مدير المؤسسة، وعدد كاف من الموظفين الإداريين، والحراس، وعدد من الفنيين متخصصين في المعاملة العقابية.

اختر - الجهة الإدارية المركزية المسؤولة عن السجون في مصر تسمى:
(أ) الإدارة العقابية المركزية. (ب) إدارة السجون. (ج) مصلحة السجون. (د) جهاز التفتيش القضائي.

الإجابة: (ج) مصلحة السجون. (وفقاً للقانون ٣٩٦ لسنة ١٩٥٦).

تشكيل المؤسسة العقابية: المدير والموظفون

يتكون الجهاز الإداري للمؤسسة العقابية من عدة فئات، لكل منها دور محدد.

أولاً: مدير المؤسسة

مدير المؤسسة العقابية هو الرئيس الإداري الداخلي للمؤسسة، وهو رئيس جميع العاملين فيها، وهو المسئول عن سير العمل فيها وفقاً للقانون.

ووظيفة مدير المؤسسة لا تقتصر على مجرد مراقبة مرؤوسيه وضمان حفظ النظام داخلها، بل اتسعت مهمته نتيجة لتطور أغراض العقوبة، لتشمل أيضاً الإشراف على تأهيل وإصلاح المحكوم عليهم، وإدارة النشاط الاقتصادي داخل المؤسسة، وذلك بالإشراف على شراء المواد الأولية، أو بتصريف المنتجات.

دور مدير المؤسسة العقابية وفقاً للقانون المصري

أشار قانون تنظيم السجون المصري رقم ٣٩٦ لسنة ١٩٥٦ إلى دور مدير المؤسسة العقابية وحدد مسئولياته، وذلك بمقتضى نص المادة ٧٤ والتي نصت على أن: "مدير السجن أو مأموره مسئول عن حراسة المسجونين في السجن، ويتولى تنفيذ أحكام هذا القانون وجميع القوانين واللوائح الخاصة بالسجن داخل السجن الذي يتولى إدارته، ويتقيد بتنفيذ الأوامر التي يصدرها له المدير العام للسجون، ويخضع لإشرافه موظفو ومستخدمو كل السجن ويعملون طبقاً لأوامره، كذلك يجب على مدير السجن أو مأموره إبلاغ النيابة العامة والجهات المختصة فوراً بوفاة أي مسجون يموت فجأة أو نتيجة حادث أو إصابة بالغة أو فراره، وكل جناية تقع من المسجونين أو عليهم."

ثانياً: طائفة الموظفين

تضم المؤسسة العقابية العديد من الموظفين الإداريين، مهمتهم تسيير كافة الأمور الإدارية والمالية داخل المؤسسة، وعلى سبيل المثال، إنهاء إجراءات الإفراج عن المحكوم عليهم، أو المتعلقة بالإفراج عنهم، وتسليم الرواتب للعاملين بالمؤسسة، وأيضاً مخاطبة الإدارة العقابية المركزية في كل ما يتعلق بالشئون الإدارية والمالية داخل المؤسسة....الخ.

علل: وظيفة مدير المؤسسة العقابية (مدير السجن) لم تعد تقتصر على مجرد المراقبة وحفظ النظام.

الإجابة: لأن أغراض العقوبة تطورت، فأصبحت وظيفته تشمل أيضاً الإشراف على تأهيل وإصلاح المحكوم عليهم، بالإضافة إلى إدارة النشاط الاقتصادي للمؤسسة (مثل شراء المواد الأولية وتصريف المنتجات)، ولم تعد مجرد وظيفة أمنية.

تشكيل المؤسسة العقابية: الفنيون والحراس

لاستكمال البناء الإداري للمؤسسة، لا بد من وجود متخصصين فنيين وحراس.

ثالثاً: الفنيون

يتطلب تنفيذ الجزاءات الجنائية السالبة للحرية استعانة المؤسسة العقابية بالعديد من الأخصائيين في مختلف العلوم والفنون؛ وذلك لتحقيق أهم أغراض العقوبة والمتمثل في إصلاح وتهذيب المحكوم عليهم.

ولتحقيق الغرض السابق يتعين الاستعانة بمتخصصين في شئون التعليم من مدرسين وأمناء مكتبات، وأخصائيين في الشئون الدينية للوعظ والتهذيب الديني، وأخصائيين للنشاط الفني والرياضي، وأيضاً الاستعانة بأطباء وصيادلة، وأخصائيين في علاج العوامل الإجرامية من أطباء عقليين ومتخصصين في العلاج النفسي...الخ.

رابعاً: الحراس

بداهة يتطلب تنفيذ الجزاءات الجنائية السالبة للحرية وجود عدد كاف من الحراس في المؤسسة العقابية. والوظيفة التقليدية للحراس بالطبع هي منع المحكوم عليهم من الهرب، والتصدي لكل محاولات الإخلال بالنظام داخل المؤسسة العقابية، ومنع ارتكاب الجرائم داخلها.

لكن مع تطور أغراض العقوبة اتسع نطاق وظيفة حارس السجن لتشمل بالإضافة إلى الوظيفة التقليدية السابقة، المشاركة في تهذيب المحكوم عليهم، ومراقبة أوجه نشاطهم المختلفة وتوجيهها.

وضع المؤسسات العقابية القائمة بالنمسا

تحرص الدول المختلفة على وضع قواعد خاصة بإدارة المؤسسات العقابية المخصصة للنساء؛ حرصاً على مراعاة الطبيعة الخاصة لنزيلات هذه المؤسسات. فيتعين أن يتكرم الجهاز الإداري في هذه المؤسسات من النساء، ويجوز الاستعانة ببعض الفنيين من الرجال كالأطباء والمدرسين ورجال الدين على سبيل المثال. وذلك في حالة ما إذا لم يتيسر وجود فنيين من النساء، ولكن ينبغي في هذه الحالة أن يكونوا مصحوبين بنسوة عند أدائهم لمهامهم داخل المؤسسة العقابية.

اختر - تطور دور "الحارس" في المؤسسة العقابية الحديثة ليشمل:
(أ) المنع من الهرب فقط. (ب) الطهي وتقديم الطعام للمساجين. (ج) المشاركة في تهذيب المحكوم عليهم ومراقبة نشاطهم. (د) إدارة الشؤون المالية للمؤسسة.

الإجابة: (ج) المشاركة في تهذيب المحكوم عليهم ومراقبة نشاطهم.

الشروط المتطلبة في العاملين (العقلية والتخصص)

كما سلف القول، في ظل الأفكار الحديثة السائدة في مجال المعاملة العقابية، أصبح إصلاح المحكوم عليه وتهذيبه أحد أهم أغراض الجزاءات الجنائية السالبة للحرية. ولتحقيق هذا الغرض يتعين أن يتوافر في العاملين بالمؤسسات العقابية شروطاً متعددة تكفل المساعدة على تحقيقه.

أولاً: اتصافهم بالعقلية الحديثة

ويعني ذلك أن لا ينظر العاملون بالمؤسسة العقابية إلى المحكوم عليه على أنه "مجرم أثيم"، وإنما يتعين النظر إليه على أنه شخص لم يستطع التكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه، وأن من واجبهم مساعدته حتى يستنفد نوازع الإجرام من نفسه، والعمل على إعادته مرة أخرى إلى المجتمع إنساناً سوياً صالحاً.

ويتطلب ذلك أن يكون العاملون بالمؤسسات العقابية على قدر كبير من الثقافة القانونية والفنية المتعلقة بالمعاملة العقابية، وأيضاً بالدراسات الحديثة في علم الإجرام.

ثانياً: التخصص

من الأهمية بمكان أن يتخصص العاملون بالمؤسسات العقابية. ولا يقتصر المقصود بالتخصص هنا على التخصص في العمل الفني أو الإداري بشكل عام، وإنما يتعين - بالإضافة إلى ما سبق - التخصص في ممارسة العمل في المؤسسات العقابية.

والتخصص في هذا المجال يكتسب عن طريقين: الأول: التدريب، وهذا يتطلب إنشاء معاهد متخصصة لإعداد أشخاص مؤهلين للقيام بالعمل داخل المؤسسات العقابية. وثانياً: الخبرة العملية، والخبرة العملية تكتسب بالممارسة الفعلية داخل المؤسسة العقابية. ويرى العلماء أنه لكي يتحقق ذلك لا بد أن يبدأ العامل أو الموظف في المؤسسة العقابية من الدرجات الدنيا للفئة التي ينتمي إليها، ثم يتدرج في الترقي حتى يصل إلى الدرجات العليا في السلم الوظيفي داخل هذه المؤسسة.

ولكن يكون من المناسب والعائم أن يقتصر الترقي في الوظائف العليا داخل المؤسسة العقابية على العاملين فيها، ولا يعين في هذه الوظائف شخصاً من غير العاملين بها، إلا في حالة ما إذا كان هذا الشخص تتوافر فيه مزايا خاصة تبرر الخروج على مبدأ التخصص.

علل: ما المقصود بـ "العقلية الحديثة" المطلوبة في العاملين بالمؤسسات العقابية؟

الإجابة: المقصود هو أن لا ينظر العامل للمحكوم عليه كـ "مجرم أثيم"، بل كـ "شخص لم يستطع التكيف" (أو مريض)، وواجبه هو مساعدته على إصلاح نفسه وإعادته صالحاً للمجتمع.

الشروط المتطلبة في العاملين (التفرغ والصفة المدنية)

لاستكمال الشروط الواجب توافرها في العاملين، يجب ضمان تفرغهم لعملهم، وتحديد الصفة التي يعملون بها.

ثالثاً: التفرغ

يعني هذا الشرط ألا يجمع العاملون بين العمل في المؤسسات العقابية وبين أي عمل آخر. وتعد المناصب الإدارية العليا داخل المؤسسة العقابية من أهم المناصب والوظائف التي يشترط بالنسبة لها التفرغ التام، مثال ذلك وظيفة مدير أو مأمور السجن. ولذلك نصت التوصية الخامسة من توصيات مؤتمر جنيف على أن وظيفة مدير السجن يجب ألا تزاد على نحو كمي.

وينطبق شرط التفرغ بعض الوظائف التي يقوم بها العامل داخل المؤسسة العقابية بصورة عرضية كالأطباء مثلاً، أو البعض الآخر ممن يقدمون خدماتهم بصورة تطوعية لبعض الوقت فقط، مثل بعض الأفراد المكلفين بأداء الخدمة الاجتماعية.

رابعاً: الصفة المدنية

في الفكر العقابي التقليدي، انحصرت وظيفة العاملين في المؤسسات العقابية في مجرد منع المحكوم عليهم من الهرب، والتصدي بكل حزم وشراسة لأي محاولة للخروج على النظام. ولذلك كان من الطبيعي أن يكون العاملون بالمؤسسات العقابية من رجال الشرطة أو الجيش.

غير أنه مع سيادة الأفكار الحديثة، وتغير النظرة لدور المؤسسات العقابية، واعتبارها مكاناً للإصلاح والتهذيب، لا مكاناً للتنكيل والانتقام من المحكوم عليهم، فقد ظهرت اتجاهات تنادي بضرورة أن يتصف العاملون في المؤسسات العقابية بالصفة المدنية لا العسكرية.

أسباب تفضيل الصفة المدنية

ومن ناحية أولى، ارتبطت اعتبارات المعرفة الفنية والمقدرة على القيام بالدور التهذيبي داخل المؤسسة العقابية بالصبغة المدنية، أكثر من ارتباطها بالصفة العسكرية.

ومن ناحية ثانية، ثبت أن قيام رجال الشرطة أو الجيش بالوظيفة العقابية، يحول دون إمكان قيام علاقة من الثقة والتعاون المتبادل بينهم وبين المحكوم عليهم؛ فرجل الشرطة ينظر إلى المحكوم عليه في أغلب الأحوال على أنه مجرم أثيم، والمحكوم عليه ينظر إلى رجل الشرطة على أنه عدو يريد التنكيل به، وبداهة فإن الشك والريبة وانعدام الثقة المتبادل بينهما، سيحول بكل تأكيد دون الحصول على نتائج مثمرة من برامج المعاملة العقابية.

ولذلك استقر الرأي الحديث في علم العقاب على ضرورة إبعاد العاملين في المؤسسات العقابية عن الصفة العسكرية لهم. ولكن هذا لا يمنع من إمكانية ارتداء العاملين في زي خاص بهم، أو حملهم سلاح لتمكينهم من أداء دورهم في حراسة النزلاء.

علل: لماذا يصر الرأي الحديث في علم العقاب على ضرورة "الصفة المدنية" للعاملين بالمؤسسات العقابية (وإبعاد الصفة العسكرية)؟

الإجابة: لسببين رئيسيين: 1) لأن دور التهذيب والإصلاح هو دور "مدني" بطبيعته. 2) لأن العلاقة بين رجل الشرطة/الجيش والمحكوم عليه قائمة على "الشك والريبة وانعدام الثقة"، وهي علاقة تمنع نجاح برامج المعاملة العقابية التي تتطلب الثقة والتعاون.